انا ادرك جيدا ان لا احد من قراء العمود الثامن مستعد هذه الايام ان يقرأ تنظيراً عن تجارب الشعوب وصحوات الامم ، فلا شيء يعلو على صوت التظاهرات التي كشفت لنا ولو “متأخرا” ان السيد نوري المالكي هو راعي التغيير ونصير للمحتجين، ومن لايصدق احيله الى ما حدث لشباب تظاهرات شباط 2011 من رعاية واهتمام ، والى مهلة المئة يوم التي تحولت بفعل الزمن الى الف يوم ويوم ، ولهذا اسمحوا لي ان آخذكم الى موضوع ، لا يسبب ارتفاعا في الضغط ويحافظ على مستوى السكر في الدم
بالامس خرجت صحف المانيا الكبرى، وعلى صدر صفحاتها الاولى خبرا يقول: ان لا خطر على حياة المستشار السابق هلموت شميت، الذي ادخل الى المستشفى بسبب عوارض صحية، الرجل تجاوز السادسة والتسعين، لكن بلاد الفراو ميركل ، لاتزال تحفظ للرجل العجوز، انه انقذ اقتصادها من الافلاس، ووضعها على طريق التطور الصناعي والاقتصادي، لكي تصبح ثالث دولة صناعية في العالم، ” الهر شميدت ” الذي ترك رئاسة الحكومة عام 1982 ، لم يطالب بتقاعد “مليوني” و لا اصر ان يحجز له منصب شرفي في كابينة الحكومة القادمة، فقد قرر ان يعمل مستشارا ايضا ، ولكن هذه المرة لدار نشر محلية، وحين يسأله محرر التايم الاميركية: ما الذي يطمح اليه؟ يبتسم وهو يخرج من حقيبته سندويشا من الجبن: “اطمح ان اعيش الى ان ارى كل المانيا تعمل من اجل ان لا نسمح للوقت بان يهدر” وعاش الرجل ليرى بلاده اليوم تتقدم العالم بالمال والمعرفة والامان والرفاهية وباقتصاد يتعطف على اوربا في احيان كثيرة،
هل هناك اعجب من هذه الحكاية ؟
نعم ياسادة انها حكاية السيد خلف عبد الصمد رئيس كتلة حزب الدعوة البرلمانية ، الذ ي اكتشف بعد طول تبصر وبصيرة ، ان مشاكل العراق ستحل باستبدال وزراء النفط، والنقل والكهرباء.. طبعا لا اريد من المواطن ان يسأل لماذا شملت رحمة عبد الصمد هؤلاء الوزراء فقط؟.. لكن لندع للنائب عبد الصمد يلعب دور منظر التغيير في البرلمان العراقي ، بنفس الطريقة التى لعب بها مباراة قطع يد كل من يتجرأ على سؤال المالكي لماذا ضاعت الموصل؟
صحيح اننا امام فئة جديدة من “المجاهدين”، لكن الذي نلحظه اننا أيضاً أمام فئة غير مألوفة من الذين يعيشون انفصالا كاملا عن الواقع.
يقول الفيلسوف برتراند راسل ان الحرب جعلته يكتشف ان السياسيين يحبون التدمير اكثر من المال، وان المثقفين يفضلون الشهرة على الحقيقة
https://telegram.me/buratha