لم تكن حادثة إستهداف أمير المؤمنين عليه السلام ومقتله في محرابه ، حادثة إغتيال عابرة أو تصرّف شخصي قام به شخصٌ إرهابي يُدعى ( عبد الرحمن بن ملجم ) ينتمي الى جماعة متشددة يُطلق عليها إسم (الخوارج) ليس الأمرُ بهذه البساطة ؟ نعم كان ذلك المجرم اليد التي حملت السيف المسموم ونفّذت الجريمة النكراء ، لكنّه عبّرعن أسوء نموذجٍ أنتجه الإسلام السياسي ممثّلاً للأمّة التي كانت تدعي الإسلام بكل نوازعها المنحرفة والمُحرِّفة لمباديء السماء، وملبياً لرغباتها ، فلقد كان غيابُ عليّ ع عن المشهد الإسلامي مطلباً وأملاً تنشده وتتمناه ألأكثرية الكارهة للحق ، ولمّا كان عليٌّ كُله حق ...فحتماً كانوا له كارهين (واكثرهم للحق كارهون). إذن قُتل عليُّ بسيف "الإسلام"! ولكن أي إسلام ؟ إسلام المافيات وقطّاع الطرق ، إسلام القتلة والمتاجرين بالقيم والمتحكمين برقاب وقوت الفقراء ، إسلام المنافقين والمشعوذين والمدلسين وشذاذ الآفاق ، إسلام الأمة التي ركلت موروث الأنبياء والرسل وإنقلبت على أعقابها لتنتج إسلاما جديدا يتناسب وأهوائها ويلبي رغباتها، إسلاما سياسياً لايمت لإسلام محمد ص بصلة إلا بالاسم ! بسيف هذا الإسلام قُتل عليٌ عليه السلام ...
سيف الإسلام السياسي ! وهو نفس السيف الذي قُتل به أبناءُه وذريّته ونُحرت به رقاب الأبرياء ، ولازال ذلك السيف الملوّن بدماء العظماء ينتقل من جيل الى جيل وبمسميات مختلفة لينشر الخراب والدمار والدماء في أرجاء المعمورة ...ولكن كيف بقي هذا السيفُ موغلا في نحر علي عليه السلام ؟ مَنْ يقرأ علياً منهجاً وفكراً وإنساناً قد إنطوت فيه كل معاني الرحمة والرأفة والعدل والتقوى والإخلاص والورع ...سوف يُدرك أن كلّ مايجري اليوم من ظلم ومذابح وقتل للأبرياء وسرقة لأموال الناس وسبيّ للحرائر وهتك للأعراض على أيدي جماعات وعصابات إرهابية وكيانات سياسية وبأسم الإسلام ، هو قتلٌ لعليّ عليه السلام ونحرٌ لمبادئه وقيّمه ! وسيُدرك أيضاً أن الذين يدّعون الأنتماء إلى عليّ ويتاجرون بمبادئه ويلوّحون بشعاراته وقد ضيّعوا البلاد وأذلّوا العباد وسرقوا أموال الفقراء ، وضلّلوا الناس بالحيل الدينية والتلاعب بالشريعة السماوية ليكسبوا مناصباً دنيوية زائلة على حساب جوع الفقير وبئس المساكين ! أن فعلهم وإجرامهم بحق المواطنين المغفلين هو أشدُّ على عليٍّ من سيف بن ملجم ! فلقد قُتل عليٌّ عليه السلام بضربة سيف واحدة ورحل عن الحياة الدنيا بجسده ...
فكان قتله ماديا تلقّاه بكل تسليم ورضا بقضاء الله وقدره، بل إعتبره فوزاً عظيماً له عليه السلام أن أنهى حياته شهيداً بين يدي الله سبحانه وتعالى ، ولذلك قال فزتُ ورب الكعبة بعد أن ضربه اللعين ، ولكنّ القتل المعنوي لعليّ والإيلام الروحي له هو سفك دماء الأبرياء وبذات السيف...سيف الإسلام السياسي ، وسرقة اموال الفقراء ، ودجل المنافقين والمدّعين الولاء والإنتماء له ويعلم الله إنهم لكاذبون ،فسلامٌ عليك ياأمير المؤمنين لقد فزت وربّ الكعبة ، وخسرت الإنسانية ....خسرت عظيماً لم ولن يتكرر.
https://telegram.me/buratha