محمد توفيق علاوي
10 – 5- 2015
لقد اعترض الكثير من المواطنين على تقديم أستقالتي من وزارة الأتصالات قائلين بالنص ( لماذا قدمت أستقالتك؟ نعتقد انه كان من الممكن أن تمارس ما تعتقده صحيحا لخدمة الوطن بدلا من ان تترك الساحة للعابثين حتى وان مورست كافة انواع الضغوطات بحقك، فالاستقالة انسحاب والانسحاب ضعف خصوصا وانك وزير والوزير محصن وليس عليك شيء لو بقيت صامدا بل العكس ما ان استقلت حتى اقيمت ضدك الدعاوى ...مع الاعتذار لقساوة الكلام لكن استقالتك قرار خاطئ)
------------------------------------------------
كلام هؤلاء المعترضين صحيح للناظر من الخارج، وإن إجابتي على هذه الإعتراضات تتلخص بالتالي:
عندما اصبحت وزيراً للإتصالات كان هدفي تقديم الخدمة لبلدي من خلال هذا المنصب، ولم اقدم الإستقالة إلا عندما تيقنت اني اصبحت عاجزاُ عن تقديم اي خدمة وانا في هذا المنصب. فعلى سبيل المثال وليس الحصر؛
(1) وجدت أن هناك إمكانية ليكون العراق حلقة وصل بين الشرق واوربا في مرور الكابلات الضوئية كترانزيت مما يدر بين 15-5 مليون دولار شهرياً على العراق من دول جنوب شرق آسيا والصين والهند واستراليا واليابان وغيرها، فأنشأت مشروع نوروزتل كمشروع مشاركة لا تتكلف الوزارة اي كلفة، ولكن حورب هذا المشروع واوقف من قبل المالكي نفسه، ثم وافق المالكي على اعادته بعد خروجي من الوزارة وعوض شركة نوروزتل مبلغ 170 مليون دولار بنفس الشروط !!! لأنه من غير المسموح ان يقوم محمد علاوي بانجاز مشروع فيه خدمة للبلد وموارد كبيرة ومن دون ان تتكلف الوزارة اي مبلغ ومن دون فساد او سرقات.
(2) اتفقت من خلال الأطباء العراقيين في بريطانيا ومستشفى (North Middlesex) على فتح مركزي (Tele-Medicine) في بريطانيا واحد في المستشفى المذكور وألآخر في السفارة العراقية في لندن، ويقابله في العراق مركزين احدهما في مستشفى الكاظمية والآخر في مستشفى صغير في محافظة ميسان، حيث يوجد حوالي خمسة آلاف طبيب عراقي في بريطانيا مستعدون للتبرع بجزء من وقتهم للتواصل مع الأطباء داخل العراق في تشخيص وعلاج الحالات الصعبة والمستعصية، على ان توسع الدائرة بعد نجاحها لتغطية عدة مستشفيات داخل العراق، وتطوير الإتصال من خلال الوزارة لعمل العمليات الجراحية من على البعد، وقد كان هناك تجاوب كبير مع وزارة الصحة والمستشفيات في العراق ولجنة الصحة في البرلمان العراقي والأطباء العراقيين في بريطانيا بل حتى الأطباء الأنكليز الذين استعد قسماً منهم للتبرع بوقته من أجل هذا المشروع المهم، ولكن حورب هذا المشروع واوقف للأسف الشديد.
(3) اتفقت مع وزارة التربية والتعليم على تحويل عشرين مدرسة في مختلف المحافظات إلى مدارس الكترونية، حيث تحول المناهج الدراسية وبالذات العلوم في المراحل الإبتدائية والكيمياء والفيزياء والأحياء في المراحل الثانوية، والرياضيات من حساب وجبر وهندسة واللغة الإنكليزية، على ان تغطى كافة المواضيع لاحقاً إلى برامج على الحاسوب من خلال (Data Centre) ومناهج تفاعلية وجاذبة للتعليم، وسبورات الكترونية، لقد تم تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة الإتصالات ووزارة التربية وتم إختيار العشرين مدرسة في مختلف المحافظات ولكن حورب هذا المشروع
واوقف.
(4) اتفقت مع السفير الهندي في العراق على تزويد العراق بمئة الف (Tablet) باسعار مدعومة لا يتجاوز سعر الواحد منها الثلاثين دولاراً على ان توزع هذه الأجهزة على الطلاب في كافة المراحل الدراسية كمرحلة أولى ثم توزع على كافة المدارس وطلاب العراق، وترتبط من خلال (Intranet) المرتبط بأل (Data Centre) المذكور في الفقرة السابقة على ان توفر كافة المناهج الدراسية بطريقة الكترونية تفاعلية وجاذبة للتلميذ للتعلم، لقد رتبت سفرة وفد من الوزارة مع الحكومة الهندية والشركات العملاقة في هذا المجال ولكني ارغمت على الإستقالة قبل إنجاز هذا المشروع المهم.
(5) فرضت على كافة الشركات الخاصة التي تتعامل مع الوزارة ان توقع تعهد لدى كاتب العدل تتعهد فيه في حالة انكشاف اي رشوة تدفعها الشركة لأي موظف في الوزارة من درجة وزير فما دون تتعرض الشركة لإلغاء العقد ودفع غرامة مالية تعادل ثلاثين بالمئة من قيمة العقد، وتوضع على اللائحة السوداء وتمنع من العمل داخل العراق لفترة ثلاث سنوات، لم يستطع احد ان يوقف هذه الإجراءات ما دمت على رأس الوزارة، ولكن أعلنت الحرب علي من قبل المفسدين داخل الوزارة الذين كان يجتمع معهم المالكي بشكل دوري حيث تلاقت مصلحة الفريقين لقد كان ضمن هؤلاء أشخاص من عتاة البعثيين كما للأسف كان هناك أعضاءً من حزب الدعوة ، فليس من المسموح إيقاف الفساد إلى هذا المستوى حيث تعطلت مصالح الكثيرين من داخل الوزارة ومن مكتب رئيس الوزراء ووزارة ألداخلية وجهات أخرى، لذلك كان لا بد من تركي للوزارة، حيث بمجرد تركي الغيت كافة الإجراءات التي فرضتها سابقاً لمحاربة الفساد، وبدأ المفسدون يرتعون بكل حرية وهم غارقون في مستنقعات الفساد.
(6) لقد ذكرت بالتفصيل في المقال السابق وبرامج تلفزيونية كيف تمت محاربة المشروع الأمني لإمن بغداد وأمن الحدود العراقية السورية، ولكي أقرب القاريء للإسلوب الذي كان يستخدم لمحاربتي، ففي التقرير الذي صدر في هذا الشأن تضمن الفقرة التالية التي اتهمت فيها بالفساد وهي ( قام وزير الإتصالات السابق محمد توفيق علاوي بطلب موازنة طواريء للمشروع الأمني وقام وزير الإتصالات السابق بتوقيع العقد خارج العراق خلافاً للتعليمات) الذي يقرأ هذه الفقرة يتصور ان محمد علاوي هو الذي وقع على العقد خارج العراق، ولكن الذي وقع العقد هو وزير الإتصالات السابق فاروق عبد القادر، لقد كتب التقرير بصورة صحيحة فالسيد فاروق عبد القادر كان ايضاً وزيراً سابقاً للإتصالات، ولكن ارادت اللجنة التحقيقية الإيحاء أني انا الذي وقعت العقد خارج العراق مع العلم إنه لا توجد تعليمات تمنع توقيع العقد خارج العراق. إن اللجنة التحقيقية المذكورة اعلاه قد شكلها المالكي برآسة قاضي من مجلس القضاء الأعلى وعضوية شخصيات مهمة لا زالت تتسنم مراكز عليا في البلد. للأسف هكذا كان المالكي يستغل سلطته على القضاء وهيئة النزاهة لمقارعة أعدائه.
(7) بعد إنسحاب القوات الأمريكية من العراق وإنسحابهم من معسكر (Camp Victory) قرب المطار طلبت من الأمانة العامة تحويل هذه المنطقة إلى مدينة ذكية كالقرية الذكية قرب القاهرة او المدينة الذكية في كوريا الجنوبية أو ال (Silicon Valley) في اميركا، حيث يتم توفير البنى التحتية من قبل وزارتنا ويتم إستثمار توفير البنى التحتية وبناء الأبنية من قبل شركات عالمية في مجال الإتصالات والنفط وألأمور ألأقتصادية ألأخرى ويتم إنشاء مباني لمكاتب بمختلف الأحجام وشقق سكنية وفندق او اكثر من فندق ومطاعم واماكن ترفيهية ونادي رياضي وقاعات للمعارض ومستوصف واسواق وكافة المستلزمات للفعاليات الأجتماعية المختلفة لمدينة أقتصادية متطورة تكون نواة للنهوض بالبلد وإستثمار مبالغ ضخمة من قبل مستثمرين عالميين قادرين على الإرتقاء بالبلد وجعله في مصاف الدول المتقدمة، حيث الكثير من الشركات العالمية التي ترغب المجيء إلى العراق ولكن تخشى الوضع الأمني، وهذا المشروع يوفر لها الأمان في منطقة تتوفر فيها كافة الخدمات المطلوبة وآمنة وقرب المطار، لا تتكلف ميزانية الدولة صرف دولار واحد على هذا المشروع الذي اندفعت إليه الشركات العالمية للإستثمار بكل حماس، ما ألذي ينقصنا لنكون بمصاف الدول العظمى؟ المال؟ أم الموارد ألطبيعية؟ أم العنصر البشري العراقي ؟ ألذي يتميز على ك!
افة شعوب المنطقة وبحق ومن دون تحيز أو تعصب؛ فوافقت الأمانة العامة على هذا المشروع الحيوي والمهم، وتم الإتفاق مع رئيس هيئة الإستثمار ورسمت المخططات لهذا المشروع وعملت التصاميم والمؤتمرات مع شركات عالمية متخصصة في هذا المجال، وقبل وضع حجر الأساس عندما أصبح هذا المشروع جاهزاً للتحقيق، جاءني كتاب (بكذبة كبيرة) من الأمانة العامة يزعمون انهم قرروا تحويل هذه الأرض إلى مشروع سياحي، ( هل يوجد في العالم من فقد عقله للسياحة في بغداد قرب المطار!!!!)، المهم ان لا ينهض البلد من دون توزيع حصص العمولات والسرقات، ولكنهم يعلمون علم اليقين أن هذا لا يمكن أن يكون مادام محمد علاوي على رأس المشروع، فليذهب المشروع إلى الجحيم ما دامت حصتهم من السرقة غير مضمونة.
(8) هذا غيض من فيض من المشاريع التي حوربت ثم أوقفت، ولكن كيف تمت محاربتها ثم ايقافها؟، لقد تم تشخيص كافة العاملين النشطين والنزيهين في الوزارة ممن كانوا يتعاونون معي، كان يجب تجميدهم وإخراجهم من الوزارة، فطلب مني إخراج مدير عام الإنترنت وإرجاعه إلى وزارته السابقة، ولما رفضت ذلك وجه له تهديد وسحبت منه درجة المدير العام، وإرغم بالقوة على ترك الوزارة، وطولب بإرجاع معاشاته السابقة، وأستمر الأمر إلى أن رفع قضيته امام القضاء، فحكمت المحكمة لصالحه مؤخراً، كما حورب كل الموظفين الآخرين الفعالين والذين تجاوز عددهم الثلاثين موظفاً ، فلفقت لهم التهم وقضوا عدة أشهر في السجون، إلى أن أفرج عنهم جميعاً بعد زوال المالكي لبراءتهم وإنكشاف التهم المفبركة بحقهم؛ يجب أن يعرف الشعب العراقي كيف كان يسير المالكي شؤون الدولة، لا هم له إلا البقاء في السلطة، وفتح باب الفساد على مصراعيه للموالين له، ومحاربة النزيهين والمصلحين بكافة الطرق، والنتيجة بلاد خربة ثلث مساحتها محتلة من قبل داعش، يعيش المفسدون والمترفون في قصور عاجية ومناطق آمنة، ويعيش اغلب الشعب قرب او تحت خط الفقر يعانون شظف العيش ويقتل العشرات منهم كل يوم في التفجيرات الإرهابية وفي قتالهم لداعش، من المسؤول ومن أوصلنا إلى هذا الواقع المزري؟؟؟
(9) لقد فبركت علي (78) قضية نزاهة !!!! وشكلت علي عدة لجان، وفي كل مرة عندما تكتشف اللجنة ان هذه هي مجرد قضايا مفبركة تبلغ المالكي بذلك، فيحل المالكي هذه اللجنة ويشكل لجنة أخرى حتي شكل علي تسعة لجان، وقد كان الكثير من أعضاء هذه اللجان يتصلون معي وهم آسفون لأن التحقيق قد فرض عليهم، ويمكنني الآن ذكر اسم أحد رؤساء هذه اللجان وهو الأخ ثامر الغضبان رئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء جاءني معتذراً عندما طلب المالكي منه التحقيق في (78) قضية نزاهة بحقي، وعندما طلب الأخ ثامر من المالكي إعفاءه من هذه المهة أصر المالكي عليه، وبعد التحقيق لعدة اسابيع ذهب إلى المالكي وأخبره أن جميع القضايا المذكورة هي عبارة عن قضايا كيدية وأكاذيب فبركت من قبل المفسدين في الوزارة عندما أغلقت بوجههم ابواب الفساد، فما كان من المالكي إلا أن أخذها منه وشكل لجنة أخرى للتحقيق.
(10) لم يكتف المالكي بذلك بل سخر مجموعة من اتباعه من اعضاء البرلمان بتوجيه التهم الكاذبة بحقي في الإعلام ، ومن إحدى التهم من قبل إحدى النائبات، إتهمتني بفتح المجال لشركات تتجسس لمصلحة إسرائيل، ومن المضحك المبكي إن المالكي نفسه قد أعاد نفس هذا العقد مع نفس هذه الشركات وبنفس الشروط وقد صادق على العقد وعلى قرار التسوية بتوقيعه هو !!!
(11) بعدما تركت العراق نجح المالكي في فبركة قضايا كاذبة بحقي حكمت على أثرها بالسجن غيابياً لفترة سبع سنوات، ولكني بعد سقوط المالكي رجعت إلى بلدي وتبين للقضاء بشكل قاطع لا يقبل الشك إنها قضايا مفبركة لا أساس لها من الصحة وصدر الحكم القاطع من محكمة التمييز ببرائتي وعدم صحة التهم الموجهة بحقي.
(12) هناك أسباب أخرى حاربني المالكي من أجلها لم أحب التطرق إليها، ولكن من أراد معرفة ذلك فيمكنه مراجعة مقابلة طبعة محدودة في قناة الشرقية في شهر يناير ٢٠١٤ كما هي مذكورة ادناه، حيث يمكن معرفة هذه الأسباب ما بين سطور المقابلة
أقول لأبناء شعبي الأعزاء، فمن حقهم علي أن أوضح لهم إني لم أنسحب ضعفاً او تخلياً مني عن المسؤلية التي حملني أياها أبناء وطنين فأقول لهم : لم أقبل أن أكون وزيراً لكي أتصارع ثم أجد نفسي عاجزاً عن إنجاز أي شيء ، ومع هذا لم أنسحب، وإنما طالبت المالكي إما إخراج المفسدين من الوزارة أو أن أخرج، للأسف فضل المالكي إبقاء المفسدين وقبل إستقالتي، لأنه للأسف الشديد يعتقد أن هذه هي الطريقة المثلى التي يتم فيها حكم البلد، ولكنه للأسف مع ماضيه المشرق يجهل إن ألله بالمرصاد لكل عمل وخطوة ونية لعبده، وإنه يجازيه بافعاله في الدنيا قبل الآخرة. لو تصرف المالكي بشكل مغاير لكان يمكن أن يبقى ليس لثلاث او اربع دورات فحسب، بل حتى وفاته، ولكنه سقط وإلى غير رجعة بسبب منهجه الذي ذكرناه أعلاه. فتلك هي سنن الله في عباده.
https://telegram.me/buratha