المقالات

هل أنهى الأميركيون سياسة التوافق العراقية؟/ وفيق السامرائي

2553 11:22:12 2015-05-08

  وفيق السامرائي/ خبير ومحلل عسكري ستراتيجي عراقي مغترب   في موقف لا سابق له منذ سقوط نظام صدام حسين، قرر البرلمان العراقي اتخاذ قرار حاسم برفض قرار برلماني أميركي بتسليح الكرد والسنة في معزل عن الحكومة العراقية، إذا لم تلتزم شروطا محددة في مجال المصالحة الوطنية، وهو ما فُسّر بأنه توجه أميركي ليس لتطبيق «مشروع بايدنلأقلمة العراق» فحسب، بل لتقسيمه إلى ثلاث دول (شيعية وسنية وكردية). وقد اتخذ القرار العراقي من قبل كتلة التحالف الوطنية الشيعية، التي تتمتع بأغلبية مريحة، ورفضت الكتلتان الكردية والسنية التصويت وغادرت قاعة الاجتماع. ومن هنا بدأ مشوار تجاهل سياسة التوافق التي درج عليها السياسيون خلال السنوات الـ12 التي أعقبت سقوط النظام.
وإذا كان الرفض والمقاطعة الكردية للقرار العراقي مسألة طبيعية، لأن الهدف الكردي كان وسيبقى العمل على الاستقلال، واستغلال الظروف والمواقف لتهيئة معطيات الانفصال، فإن الكتلة السنية ارتكبت خطأ استراتيجيا كبيرا ما كان عليها أن تقع فيه، لأسباب كثيرة، أهمها أن نقاط التلاقي المصيري بينهم وبين المصالح الكردية ضعيفة للغاية، خصوصا أمام الأطماع التي أظهرتها رئاسة إقليم كردستان تجاه الأراضي التي يتم تحريرها من «الدواعش»، ورفضها الانسحاب من القرى العربية، ورفض عودة أهالي القرى إليها، وتسوية آلاف البيوت بالأرض طبقا لما يرد من معلومات.
مشروع القرار الأميركي لا يمكن التعويل عليه، وستكون انعكاساته السلبية على العرب السنة مدمرة، لأن الأميركيين ليسوا مستعدين لخوض معارك برية في العراق، فمرارة المعارك السابقة لا يزال طعمها صعبا، ولا يوجد ما يهدد مصالحهم الاستراتيجية على المدى المتوسط، وليس متوقعا أن تقوم القوات الأميركية بتزويد العشائر السنية بأسلحة ثقيلة تفوق ما لدى «الدواعش» من أسلحة متطورة، وليس من السهل تشجيع العشائر على تأمين حشد بشري كبير بعد ما أصاب أبناءها من خسائر فادحة، وتغلغل الإرهابيين في وسط بعض العشائر.
وبما أن الحشد الشعبي المركزي بصفته الشيعية يواجه رفضا بخصوص المشاركة في العمليات من قبل بعض السياسيين السنة، فإن ثقل العمليات سيقع على عاتق أبناء العشائر السنية، وهو عبء يفوق أضعافا قدرة محافظة الأنبار، لا سيما أن المحافظات السنية الأخرى ليست مستعدة للقتال خارج حدودها، فالمناطقية ضربت جذورها بقوة في أفكار الناس، وفشل دعاة الإقليم السني في إثبات أي شكل من أشكال التعاون بين أبناء محافظاتهم.
المعطيات المستجدة هذه ستصدم الأميركيين قبل غيرهم، وبما أن الصوت الشيعي قد بدأ بالتوحد بقوة، فإن قصة التوافق والحرس الوطني والمحاصصة في المواقع ستتخذ منحى بعيدا عن التوافقات، وترجيح قواعد الأغلبية السياسية، في ضوء نتائج الانتخابات. وفي هذه الحالة سيكون في وسع الحكومة المركزية اتخاذ قرارات قوية، بعيدا عن المحاصصات. وهذا يعني أن الصوت السياسي السني سيتراجع بسبب خطأ المغادرة من اجتماع البرلمان الأخير، وهو خطأ استراتيجي كارثي، اتخذ تحت ضغط سياسيين فاشلين لم يقدروا النتائج الوخيمة جدا.
الحقيقة المرة، أن سياسة التوافق والمحاصصة أدت إلى إلحاق دمار كبير في العراق، ولم يستفد منها أحد من العرب السنة إطلاقا، إلا السياسيون والفاسدون و«الحرامية»، أما أبناء هذه الشريحة فلم يستفيدوا من تعيين مسؤولين منهم، خول بعضهم أقاربه ومكتبه بتعيين حصة المدن السنية من الوظائف، مقابل رشى تدفع مقابل التعيين تصل نسبة منها إليهم بطريقة وأخرى، فأثروا ثراء فاحشا. ومن المنطق تسمية المحاصصة السياسية بمحاصصة الفاسدين والثراء على حساب الفقراء والمساكين، الذين خدعوا بشعارات طائفية، يدفعون اليوم ثمنا مدمرا بسببها.
القرار الأميركي بتسليح السنة والكرد، قصم ظهر المحاصصة والتوافق، والعرب السنة سيكونون أكبر المتضررين دون شك، كما أن الكرد سيعانون أيضا من ردود مركزية، وسترتفع الأصوات المطالبة بالمفاصلة معهم في ظروف غير ملائمة لقيام الدولة الكردية، إلا أن السلاح الأميركي سيصل إلى المطارات الكردية، خصوصا مطار أربيل المسيطر عليه من قبل أمن مسعود بارزاني، وستثار خلافات عميقة وخطيرة مع الاتحاد الوطني الكردستاني وكتلة التغيير، لأن حزب البارتي بزعامة بارزاني سيحرمهما من حصتهما من السلاح، وستكون فرصة المناورة لبغداد عالية، كما أن محافظة كركوك المسيطر عليها من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني سيكون لها موقف صعب تجاه رئاسة الإقليم.
إذن، علينا أن ننسى وجود توافق على المسائل الاستراتيجية ونحن أمام مرحلة مركزية شرعية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك