طرح جو بايدن مشروع تقسيم العراق الى ثلاث دول مستقلة في عام 2006 بعد تفجيرات سامراء, تدار بالنظام الفيدرالي, الذي يعطي صلاحيات واسعة للاقاليم على حساب حكومة المركز, وهو ماجاء بالدستور العراقي النافذ لعام 2005. مشروع التقسيم ظهر للعيان من جديد بعد تصريح نائب الرئيس الاميركي, جو بايدن قبل أسابيع عندما صرح قائلاً ؛ أن العراق بحاجة ألى اكثر بكثير من النظام الفيدرالي الحالي .
عند التركيز على هذا التصريح, نجده قد ألغى النظام الفيدرالي الذي أريد له جمع الدويلات الثلاث, وأضاف الغموض على شكل النظام البديل, والذي تكون صلاحياته أكثر بكثير من النظام الفيدرالي؟ النظام الكونفدرالي هو المعمول به في دول الاتحاد الاوربي, حيث كل دولة لها جيشها وعلمها وسيادتها المستقلة, ولا توحدها سوى السياسة الخارجية, ولا نعتقد ان هذا النظام هو المقصود في تصريح بايدن؟
اتفقت احلام الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الاميركي, على تقسيم العراق الى ثلاث دول على أساس المذهبية والطائفية ( كردية, سنية, شيعية ), لكي تنهي امتداد حضاري وتاريخي لالاف السنين . القرار سوف يمنح العراق 715 مليون دولار, مشروطة بمدى ألتزام الحكومة بما سماها المصالحة الوطنية, ورفع الدعم الحكومي عن الحشد الشعبي, وأقرار قانون الحرس السني الوطني, وأشراك المكونات في العملية السياسية.
قدم القرار من قبل لجنة الشؤون الخارجية, وقد تم التصويت علية, وكلف كل من وزير الخارجية والدفاع بتقديم تقرير بعد ثلاثة أشهر, يوضحون فية مدى ألتزام الحكومة بالشروط التي وضعت في هذا القرار.
الولايات المتحدة تريد أن تتعامل مع قوات البشمركة الكردية، ومقاتلي العشائر السنية ككيانين منفصلين عن الجيش العراقي، والحكومة العراقية؛ بحيث تستطيع رسميًا تقديم الدعم المباشر لهم دون الحاجة إلى الرجوع للحكومة العراقية. الحلم الامريكي بتقسيم العراق له أبعاد جيبوليتيكية كبيرة, فهو سيحولها الى دويلات لا تجمعها اي مشتركات داخلية, بل على العكس من ذلك, سوف تنشغل لسنين طوال بنزاعات تدور حول الحدود المشتركة والمياه.
المشروع يمس السيادة العراقية, ويضع أشتراطات مسبقة على تقديم الدعم الاميركي لمحاربة تنظيم داعش, وهو ما يتنافى مع الاتفاقات السابقة, ويبعث برسالة مفادها عدم قدرة الحكومة العراقية على حل المشاكل السياسية.
عدم توحيد الموقف السياسي, كشف عن هشاشة العملية السياسية, فالاطراف التي رحبت به لم تفكر ولو لبرهه بان للدولة سياسية خارجية يجب أن تكون موحدة, من اجل الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة.
ماوراء الستار هو الضغط على التحالف الوطني لكي يقدم المزيد من التنازلات الجوهرية في العملية السياسية, ولكي يعود الى الاحضان الاميركية من جديد, بعد توتر العلاقات معها في الاونة الاخيرة.
على السياسة الخارجية العراقية, ان تأخذ دورها, وأن تقول كلمتها حول وحدة وسيادة العراق, التي أصبحت تحت تهديد المطرقة والسندان, وعندها سوف تنكشف نية الكونغرس الحقيقية, والتي يريد أيصالها من خلال هذا المشروع, وهذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة .
https://telegram.me/buratha