((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ)), ((اشرف الموت قتل الشهادة)), ((فو الله إني لعلى الحق. و إني للشهادة لمحبّ)), بهذه الكلمات, عبر القران الكريم والرسول والأئمة الطاهرين (عليهم السلام)؛ عن الشهادة والشهيد, ومالهما من منزلة رفيعة ومقدسة, عند الله ورسوله وأهل البيت الكرام.
محمد باقر الحكيم, يعد من رجال المعارضة العراقية, بل سيدها, ضد الحكم العفلقي المباد, هجرته السلطات البعثية آنذاك, لما رأوه فيه وعائلته, من مناهضة لحكمهم المجرم, ليستقر في جمهورية إيران الإسلامية, أبان عام 1980.
استمرت هجرته حوالي 23 عام, قضاها في الجهاد ومحاربة شرار الأرض من أبناء عفلق وصدام الطلقاء, لتكون عودته إلى أرض الوطن عام 2003, ليست على متن طائرة, كما جاء غيره, بل جاء محمولا على أكتاف محبيه ومؤيديه, ليجوبوا به المدن العراقية الجنوبية, واحدة تلو الأخرى, محتفين به وهو يعود إلى وطنه, عالما ومجاهدا.
(أنا (أقبل أيادي جميع المراجع والعلماء, وأقبل أيدي جميع الحاضرين), عبارات صدحت من فمه الطاهر, عند عودته, لتعبر عن مدى التواضع, وكذلك تعبيرا للروح الإنسانية التي جاء بها الحكيم, لينشرها في نفوس العراقيين, ويقول لهم؛ وهو يطل من أعلى الصحن العلوي الشريف, أنا خادمكم, وما عدت إلا لتحقيق الأهداف السامية, التي جاهدنا وقدمنا القرابين من أجلها, وأنا أدعوكم لنعمل سوية لتحقيقها, متناسين كل الاضطهاد والعنف الذي سببه الطغاة.
أيادي الغدر, امتدت لتريق دمه المقدس وتلحقه بدماء إخوته وعائلته, وفي أطهر بقعة في الأرض وعن خروجه من صحن جده أمير المؤمنين, وبعد أداءه لصلاة الجمعة, لينال ما كان يصبو إليه, ففي ظهيرة الأول من رجب الأغر, رج أسماع العراقيين نبأ استشهاد الحكيم, كارتجاج ضريح الإمام علي(عليه السلام), لتتناثر أشلاءه المباركة, فيرتفع جزءا منها إلى السماء, ويلتصق الأخر في منارة وقبة الأمير.
محمد باقر الحكيم, ذلك الرجل الذي انتظره الجميع, آملين بوجوده تغير سياسة العراق التي اضطهدت الفئة العظمى منهم, ذلك السيد الذي يحمل أفكارا وسياسة فيما لو طبقتا؛ ستغير خارطة العراق السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية....الخ, ذلك العالم الذي تشوق الجميع إلى سماع فيض عباراته التي تجذب السنة قبل الشيعة, بعد تهجير دام عقدين ونصف من الزمن, فقد خلاله 72 شهيدا من عائلته المجاهدة.
آل الحكيم مستمرون في تقديم العطاء والفداء, فهذا السيل من الشهداء يحفزهم للمسير, نحو تحقيق الأهداف التي رسمتها الدماء الزكية, فاستمرت رحلة المجد والخلود, واستلمها بعد شهيد المحراب رجالا ساروا على نفس الخطى, ليكونوا أمل العراقيين, فما نعيشه من ذكرى للشهيد الخالد, دليل على خلود دمه المقدس, ليكون نبراسا نستضئ به في أحلك ظلمات الدنيا ومصاعبها.
ما قدمه هذا البيت المجاهد, من تضحيات جسام في سبيل إعلاء كلمة الحق والوطن, عبارات نقشت على حجر التاريخ لتستلها الأجيال القادمة, فتقول لهم إن الدماء التي سالت, أخذت حقها وأغرقت من تسبب بإراقتها, فكانت شاهدا على انتصار الدم على السيف, مرة أخرى. والسلام.
https://telegram.me/buratha