ضمانة الدولة المدنية في العراق؛ المرجعية الدينية..هذه الحقيقة, وللأسف, لا مناص من اللجوء إليها, فالمرجعية ليست راغبة في هذا الدور الذي قد يبدو -ظاهرياً- متنقاطعاً مع أسس الدولة القائمة على نظام ديمقراطي يستند على إرادة الجمهور.
الوعي الشعبي, المال السياسي, الفساد, الخلافات السياسية, وتراكمات الماضي؛ عوامل دعت إلى الإرتكاز على قوة المرجعية الدينية التي تكاد تختزل الوطن بفكرها وتحمل همومه لتصيغ منها حلولاً كفيلة بالعبور.
قد لا تعطي المرجعية حلولها بطريقة مباشرة, لكنّها تطرحها كأفكار لو إلتزمت القوى السياسية بها لتحقق المستحيل, وخير دليل الإنتصارات المتتالية بعد الفتوى العظيمة, وكسرها لكل التوقعات الدولية حول عدم إمكانية تخطي الخطر بهذه الفترة القياسية..
"المجرّب لا يجرّب"..هكذا قالت المرجعية, فهي لا تشخّصن الأمور إلا في حالات نادرة جداً (منها رفضها لتولي السيد المالكي بصراحة). إنّ المجرّب الناجح غير مشمول بتلك المقولة دون شك, بيد أنّ تجربة السنوات العشرة لم تورّث نجاحاً يعتد به, ولعل من أبرز المسؤولين على تلك التجربة, عبر تسنّمه مواقع مهمة معروفة وغير معروفة, هو وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني..
رجل التراخيص النفطية التي قيّدت العراق بإلتزامات مقلقة وغير مبررة, رفضها في حينها خبراء النفط الأمر الذي أدى لإبعاد بعضهم!..هو ذاته صاحب مهزلة التصدير الكهربائي بمنتصف 2013..
لقد تحكّم الشهرستاني بالثروة العراقية الوحيدة بطريقة عشوائية أتضحت في أول إختبار نفطي لقوة الدولة في أهم مقوّم من مقوماتها؛ هبط سعر النفط فهُددت حياة الناس!..
يستمر الرجل مستهتراً بكل شيء, وكأنّ دماء الناس وكرامتهم وأموالهم, خاضعة لحكم "السفهاء" وهو الوليّ الذي خوّلته السماء بفعل ما يشاء!..أتذكرون لجنة الأنبار التي شكّلها المالكي؟..نعم, ترأسها الشهرستاني, ولم يتسائل أحدٌ قط: لماذا حدثت الحرب, أو ماهو مصير وقرارات تلك اللجنة, ولماذا تشكّلت أصلاً, وكيف فشلت أو لماذا؟!..هنا نجد جزءاً من دمائنا يلوّن بشرة السيد الوزير المتنقّل بخرابه أينما حلّ..
هذه المرة يبحث في أوراق وزارته الجديدة, يريد خراباً أو شرراً يحرق به ما تبقى من أملٍ في النفوس..ثمة آلاف من العراقيين أوفدتهم وزارات وهيئات تابعة للدولة العراقية لإكمال دراساتهم العليا في الخارج..نجح الشهرستاني بمغامرتهِ الجديدة, وأنهى صمت ليل الغربة الموحش لدى تلك الشريحة..لم يعد مهماً التحصل العلمي أو التفوّق؛ إنما التفكير صار منصباً على إمكانية إيجاد عمل يعينهم, أو لعل السيد الوزير يستأنس بسماع قصص العائدين وهم يقتلون طموحاتهم وآمال الوطن المعذب بمثل معاليه..!
https://telegram.me/buratha