في السادس عشر من آذار مرت علينا الذكرى السنوية ال(27) لجريمة قصف هلبجه بالسلاح الكيمياوي المحرم دولياً، هذه الذكرى تذكرنا بجرائم البعث منذ توليه السلطة في فترتي 1963 و1968-- 2003، في الاولى شن حرباً شعواء على كوردستان، ومارس الحرق والقتل والتهجير وتدمير القرى في أطراف كركوك، وبالذات في المنطقة الواقعة بين كركوك ودوبز والمناطق الكوردستانية القريبة من الآبار والمنشأة النفطية، وفي المدن العراقية الاخرى مارس سياسة تهجير الكورد الفيلية الى ايران بدوافع سياسية واقتصادية وشوفينية وطائفية، وفي الفترة الثانية، إستمر البعث في سياسته الحمقاء تجاه كل ما هو كوردي وكوردستاني، وإستخدم جيشه وأجهزته القمعية لمآرب وغايات بعيدة عن كل القيم الانسانية، وسخر موارد البلاد لشراء الاسلحة ليستخدمه ضد الكوردستانيين في حربه غير العادلة، كما تابع سياسة فترة حكمه الاولى تجاه الكورد الفيليين، وهجر أكثر من 600,000 مواطن كوردي فيلي من حملة الجنسية العراقية بذريعة انهم من اصول إيرانية، وأسقط عنهم جنسيتهم، وجردهم من وثائقهم وجميع مستمسكاتهم الثبوتية، وسلب ممتلكاتهم المنقولة وغيرالمنقولة، كما قام بحجز وتغييب اكثر من 20,000 من أطفالهم وشبيبتهم ورجالهم ونسائهم، واستخدم القسم الاكبر منهم في تجاربه الاجرامية على الاسلحة الكيمياوية والجرثومية، بعدها استخدم ناتج تلك التجارب البشعة في قصف هلبجه ومناطق أخرى في كوردستان كجافايتي وباليسان وكوكتبه وعسكر.
النظام البعثي عندما قام بقصف هلبجه، وقتل أكثر من (5000) إنسان، كان متجرداً من الاخلاق وكل القيم الإنسانية وخارقاً لكل التعاليم السماوية والقوانين الوضعية والاتفاقيات والعهود الدولية في تعامله مع الكوردستانيين عامة وقسماً من العراقيين، وكان قد مارس الوحشية المفرطة وغير المبررة في جرائمه النكراء التي كانت لاتفرق بين البيشمركه المؤمن بقضايا شعبه ووطنه العادلة، والذي كان يحمل السلاح دفاعاً عن أرضه وعرضه، وبين المريض وكبير السن والحامل والطفل الرضيع، وكان يهدف لمحو مكون أصيل عبر تدمير البنية الاقتصادية وتمزيق النسيج الاجتماعي وطمس الهوية الوطنية والقومية ومحاربة لغة وثقافة وتراث الكوردستانيين، وكان قلب صدام وغالبية البعثيين الشوفينيين قد امتلأ حقداً وغيضاً على الشعب الكوردي، لذلك منح صلاحيات مطلقة لقواته والمجرم علي كيماوي، لتنفيذ سياسة عسكرية وأمنية وحشية وأقترفت قواته شتى أنواع الجرائم البشعة التي تفوق التصورات، والتي تم تصنيفها لاحقاً كجرائم جماعية ضد الإنسانية، مع ذلك خاب وإنهزم وإندحر في معاركه وبقى الكوردستانيون وبقيت هامتهم شامخة.
قبل سقوط الصنم، سمعنا من أصدقاء الامس الكثير والكثير من الكلام الطيب والجميل، وبعده، واتخذت السلطات التشريعية والقضائية الاتحادية قرارات واضحة وصريحة، جميعها تؤكد أن ما ارتكبه النظام السابق من جرائم ضد الكورد هي جرائم ابادة جماعية، ولكن تلك القرارات وضعت على الرفوف العالية ولم تنفذ بسبب وجود تلكؤ واضح، وتهرب مقصود لدى الاجهزة التنفيذية للدولة، وإستمرار عقلية العداء تجاه الكورد لدى أناس تولوا زمام المسؤولية بسبب التوافقات السياسية ، وعدم وجود الرغبة والارادة السياسية لدى القوى المتنفذة لحل الاشكالات والمشكلات والقضايا السياسية التي تتطلب حلولا واقعية تلتزم بها كل الاجهزة المعنية لإحقاق الحقوق المشروعة وصيانة المصالح الدستورية لكل المواطنين بما فيهم الكورد..
ونحن نستذكر في هذه الايام شهدائنا الابرار في هلبجه وفي حملات الانفال السيئة الصيت التي راح ضحيتها أكثر من (182) ألف شهيد، وشهداء الكورد الفيلية، وثمانية آلاف شهيد من البارزانيين الذين غدر بهم البعث الفاشي وأتباعه، لايسعنا إلا أن نبتهل الى الباري عزوجل أن يغمد شهداء الكورد وكوردستان وشهداء الانسانية أجمعين برحمته الواسعة ويسكنهم فسيح جناته، ونطالب بتنفيذ القرارات المتعلقة بالجرائم المقترفة بحق الضحايا...
https://telegram.me/buratha