للفساد في دوائر الدولة خطوط حمراء، لا يستطيع أحد إجتيازها، فمن ورائها مافيات متنفذة، وأحزاب وتيارات وعشائر، وهلم جرّى، فلا يكاد المسؤول ليعاقب أحداً من الموظفين، حتى تنهال عليه الاتصالات والوفود، فللفاسدين من يسندهم أكثر من النزهاء!
وزارة الشباب والرياضة، إحدى تلك الوزارات التي حملت أوزار النظام البائد، ففيها من مافيات الفساد ما يفوق التصور، حيث تهدر مئات المليارات سنوياً، وتعاد المشاريع عدة مرات بسبب سوء التنفيذ، والكوادر المشرفة على المشاريع هي هي لا تتغير ولا تتبدل!
في نهاية العام 2014 تسنم الوزير عبد الحسين عبطان، مقاليد وزارة الشباب والرياضة، بيد أننا لم نستبشر خيراً حينها، فماذا بيده أن يفعل؟! وكيف سيحارب الفساد المستشري في كافة مفاصل الوزارة؟! هذا إن كان لديه عزم في القضاء على الفساد، بل إن كان ذاته نزيها!
منذ الأشهر الأولى لتسلم عبطان وزارته، ضرب على أطناب الفساد بيد من حديد، والأشد غرابة في الأمر أنه إجتاز كافة الخطوط الحمراء، حتى خشينا أن يتعرض الى الأذى، فالكل هناك يتحدث عن بطولاته، وكلٌ يتحدث عن قوة الجهة التي ينتمي اليها، حتى أن بعضهم مازال يفاخر بأمجاد جرذ البعث المقبور!
أول ضحايا عبطان، ثلاثة من رموز الفساد في الوزارة، أعفاهم من مناصبهم، أما الرؤوس الأخرى، فقد قام بنقلهم الى المحافظات ليندبوا حظهم العاثر هناك، ويندموا على ما اقترفته أيديهم من إفساد بحق الوطن والشعب، ووصل عدد المنقولين حداً، مزجت بين نبرات التهكم والسعادة لدى من بقي من الموظفين، الذين راحوا يطلقون عليه لقب "وزير النقل".
لعل بعض من الموظفين يتعاطف مع الفاسدين، ويرى أن الوزير قد تمادى في العقوبة، لكن وضع النزاهة العام تحسن كثيراً، والمناصب التي كانت حكراً على العجائز، أصبح يديرها شبان ملأى بالنشاط والحيوية، والقدرة على خدمة الرياضة والشباب في البلد، والتي عانت ما عانته من إهمال وتغيب وحرمان طيلة السنوات السابقة.
https://telegram.me/buratha