تعمل الكثير من المؤسسات الإعلامية العراقية بمنهج الإنكفاء الطائفي، سواء ً الشيعية أم السنية ، كما يحلوا للبعض ان يعلن تشدده الطائفي عبر قنوات " فضائية " مرئية ، مايجعلها تظهر في إطار التوجيه الحزبي أو الطائفي المتشدد ، وليس مخاطبة رأي عام قائم على التنوع المذهبي والطائفي والعرقي والديني واللاديني ايضا ً.
مبادئ ورسالة الإعلام ولوائح الشرف المهني ، تقف على نقيض هذه التوجهات التي لاتكتفي بإغتيال ماهو وطني وحسب ، بل تسهم على نحو فاعل في خلق اجواء الإحتراب الطائفي وإيقاد فتيل الشحن والتناحر والصراع حتى الوصول لدرجة الحرب الطائفية ، لأن الحروب في عموم أنواعها تولد بفضاء الإعلام ثم تتطور الى تبادل الرصاص في الميادين المتحاربة .
البعض صار يفتخر ان له إعلام طائفي وعدد من الإعلاميين الطائفيين ، ينهضون بمهام التصدي والترويج الطائفي أوالعنصري ، بينما عموم الإعلام الطائفي أوالعنصري لايتعدى ان يكون اصداء ً لصيحات سياسية، محقونة بشحنات تنابز وروح عدائية تحمل عدوى الطائفية السياسية التي تقف وراء تحطيم العراق سياسيا ً وإجتماعيا ً.
الإشكالية التي تواجه أجهزة الرقابة أو الجهات المعنية بالبث والإرسال والنشر ، ان هذه المؤسسات الإعلامية تعد واجهات لقوى سياسية نافذة ومستنفرة ،وأخرى عدائية تقيم وتبث من خارج الوطن ، وهي لاتجيد من معاني الإعلام سوى منهج الإعلام الايديولوجي أو الشمولي الذي يقتصر على مهام الدعاية والتمجيد ، أو الطعن وتفخيخ الأجواء بعدائية صارخة .
نمط غريب وشاذ صار يتبلور في الساحة الإعلامية أو الدعائية " الفضائية " ، يتمثل في إنحدار العديد من العناصر رجال ونساء الى هذه المهنة التي جعلها تبدو أيسر المهن التي لاتحتاج من مهارة سوى الصراخ وشتم الضيوف أو محاكمتهم ، أو يذهب بعضهم بحديث يتسم بالإسفاف وإنعدام الذوق ، وهشاشة الفكرة أو تعفنها ، ناهيك عن أخطاء النطق واللغة وغياب أية لمسة جمالية ، ولعل الحالة تتركز أكثر لدى بعض مقدمات البرامج المترعة بالسذاجة والأمية وتخمة اصباغ المكياج .
الأمية الطاغية في الساحة الإعلامية وإرتفاع الصراخ الطائفي ، ترشح عن التكوين الداخلي للقوى السياسية الطائفية ، واهدافها التي اسقطت من حساباتها ماهو وطني وثبتت ماهو طائفي ، وبهذا يكون السياسي والإعلامي المترشح عنه ، أدوات قمع وتفريغ لما هو وطني ، وهذا إعتداء على الوطن والمواطن الذي يجد نفسه مجبرا ً على تحمل هذا السقم الذي يملأ الآفاق .
التنوع الطائفي والمذهبي والعنصري ليس ميزة للعراق وحده في المحيط الإقليمي ، بل نظير العراق نجد المشهد اللبناني ، لكن من يدقق النظر في المشهد الإعلامي المتنوع بصفحاته السياسية، يجد اشتراك عموم فضائياتهم المعروفة والمؤثرة مثل المستقبل والميادين والجديد والمنار وال L BC وNbNواللبنانية ، تلتقي جميعها تحت سقف المواطنة والدفاع عن الوطن ، وينبغي للإعلاميين العراقيين إدراكه جيدا ً.
https://telegram.me/buratha