المقالات

رحيق الأزهار بين الشوك والدمار.!/ جعفر العلوي

2087 09:38:22 2015-03-01

جعفر العلوي

العراق بستان متنوع الورود والأشجار المثمرة، بين دجلة والفرات وشط العرب، ينعم أهله فيه بالخيرات ، ينشدون أجمل القوافي وأعذب الألحان، يحتسون الشاي ساعة العصرية "الشاي السنكين"، ذو النكهة الأصيلة مع حبة أو أثنتين من الهيل، وطبق الكعك المنوع ك أبو (السمسم، والدهن، والمالح)، يتبادل الأحبة حوله أطراف الحديث، تتناسق الكلمات بين قول وسماع، مد وجزر، فرح وشجن، فالحزن مكانه ليس بيننا، ذلك الوطن الصادح بربوعه القاصي والداني.

في تلك الأثناء وأكثر، دُقّ باب غرفتي المتواضعة بعبق الذكريات، إنه ولدي ينادي أبي: "جارنا عند الباب يريد محادثتك فهل تخرج لمقابلته".

أقشعر جسدي وانتابتني الحيرة والذهول، ماذا تقول؟، ما كنت فيه قبل لحظة أكان حلما عابرا ومضى لحال سبيله؟، لالا... لا يمكن أن يكون كذلك، يا ولد لماذا أيقظتني من نومي ولو شاء الباري لجعله سرمدا... أبي جارنا عند الباب يريد محادثتك؟!.

نهضت من فراشي مسرع الخطوة قاصدا باب الدار؛ ماراً بصالة الجلوس، وإذا بصوت يستوقفني وهو يقول: "دمر تنظيم داعش الإرهابي الكنوز التاريخية والآثار في متحف الموصل، التنظيم بث شريطا لعناصره، وهم يدمرون التماثيل في المتحف، الآثار تعود إلى حضارات بلاد ما بين النهرين، وبينها تمثال للثور الآشوري المجنح، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع قبل الميلاد، كذلك دمر ثور مجنح آخر عند بوابة نركال الأثرية في مدينة الموصل وهو رمز للحضارة الآشورية".

رجعت القهقرة لأمعن النظر لشاشة التلفاز جيداً، ولشفاه المذيع التي بثت الخبر... (تحطيم، دمار، قتل، سلب)، ولدي أين أنت ما يقول هذا، في أي عام نحن، ومن هم داعش؟، وما هم فاعلون بالمتاحف؟

تسمر ولدي صامتا مذهولا، يرمقني بنظرات لم أعتدها من قبل، الولد: "أبي اجلس لأخبرك عما أثار دهشتك.!، أبي.. داعش تنظيم ارهابي وحشي همجي، اجتاح المناطق الغربية من العراق، قبل عشرة أشهر تقريباً، وقد آواهم العرب السنة، وداعش مجاميع متنوعة الجنسيات قدموا من مختلف دول العالم، عبر الحدود السورية العراقية وتركيا، يلبسون عباءة الدين، هدفهم السيطرة على العراق وإنشاء دولة الخلافة الإسلامية كما يزعمون.

يقتلون الأطفال والرجال، ويغتصبون النساء ثم يقتلوهن، أحرقوا الزرع وأبادوا النسل، البلد ملئت بالمهجرين والنازحين، وخطرهم لن يقف عند العراق فحسب، هم أعداء الإنسانية والحضارة، بل هم أعداء ما جهلوا، حمقى متهورين.

وَلدي أنت قلت العرب السنة! ما يعني ذلك؟، وهل هم أعداء؟

هم سنة العراق، كما هناك شيعة العراق، وأكراد العراق، ومختلف القوميات والأديان، بعض الساسة السنة المشتركين في الحكومة لا يؤمنون بأغلبية الشيعة في حكم البلاد، فنتجت الفرقة والاقتتال الطائفي كان آخرها ذلك المشهد الدامي المتمثل بـ داعش.

وَلدي لكن على حد علمي إن المسلمين أمة واحدة، وخاصة في العراق لا وجود لتلك الفرقة، المسلمين سواسية بل إن "أكرمهم عند الله أتقاهم"، فمن أين لك بهذا الكلام الغريب؟

أبي... جارنا ينتظر عند الباب ما أقول له؟

وَلدي قل له إن أبي رجع يكمل نومه، بين ليلته ويومه، فالزمن الجميل أولى بالبقاء فيه من زمانكم المستلب المنتهب، أخرج له وقل: "كان أبي نائما حالما، يشرب الشاي مع أبيه وأمه، والبعض من أصحابه المسلمين المتنوعين والمسيحيين والأكراد، في حديقة دارنا المتواضعة، ولا توقظني من نومي إلا بعد أن يتحدوا السنة مع الشيعة مع الأكراد، مع مختلف القوميات، حينها فقط يمكن لي الجلوس معكم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك