المقالات

الحشد الشعبي, بين الانضباط المرجعي, والتخوف الدولي!

1626 22:11:39 2015-02-27

الإنتصارات الكبيرة التي حققها الحشد الشعبي في المعارك القائمة في العراق, ادخل قوى عديدة- اقليمية ودولية, في شبه صدمة غير متوقعة؛ فلم يكن بالحسبان لدى هذه القوى, أن مجموعة ببضعة عشرات الآلاف, سوف تقلب المعادلة القائمة في العراق, خاصة وأن القوى العظمى, وما تملكه من قوة عسكرية وخبرات كبيرة وأسلحة متطورة, كانت تنظر الى المعركة ضد داعش, والتي كانت عازمة على قيادتها, بأنها معركة سنين طويلة وصعبة, ولم يتوقع أحد من مخططي الإستراتيجيات السياسية الدولية, بأن النصر على قوة الإرهاب الجهادي, سوف يتم في العراق وبأدوات بشرية محلية.

ما يعجبني في الولايات المتحدة الأمريكية انها تتعامل مع القوى والأطراف بسياسة سيطرة الأقوى, وقد يكون هذا التوجه هو توجه برغماتي واقعي صحيح, بالنسبة لدولة كبيرة كالولايات المتحدة الأمريكية, وهو بالعكس من توجه الدول ذات الدعم الواضح للتطرف, والتي تبقى مصرة على معاداة الأمر الواقع على الأرض, فبالرغم من كل المعلومات والمعطيات التي وردت, والتي تذكر وبشبه تأكيد, على وجود ازدواجية في تعاطي الجانب الأمريكي والدولي مع ملف مكافحة خطر ارهاب داعش في العراق, إلا أن سياسة سيطرة الأقوى , ستجبر الجانب الأمريكي والدولي, على التعاطي مع القوة الشيعية في العراق, بإعتبارها الممثلة الحقيقية للجانب السياسي فيه.

تخوف الجانب الأمريكي والدولي من قوات الحشد الشعبي, ينبع- وبحسب محلليهم الإستراتيجيين- من فكرة مفادها " إن انخراط الميليشيات الشيعية على وجه التحديد يشكل خطراً لسبيين، الأول هو أن مشاركتها ستُطيل الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية», لما ستسببه من احتكاكات وتقويض لدور القوات الكردية، والثاني هو أنه إذا عملت هذه الجماعات دون رقابة، فسوف تضعف الاستقلال الاستراتيجي الذي يتمتع به العراق. وتتخطى هذه الجماعات الحدود القومية وتحظى بدعم إيراني كبير، ناهيك عن امتلاكها القدرة على الحلول محل بغداد في احتكارها للقطاع الأمني في العراق" !!!
الجانب السني الداخلي والإقليمي, متخوف وبشدة من نمو وتطور قوة الحشد الشعبي, كقوة عسكرية شيعية جهادية, مدعومة ومنضبطة بفتوى أكبر مرجع للشيعة في العالم, خاصة وأن الذاكرة السنية القريبة, لا تزال محتفظة بصور القوى الشيعية المسلحة في المنطقة, وقوتها وشدة صولتها, وآخرها وليس أخيرها, الضربات القوية للشيعة الحوثيين في اليمن, والتي حطمت كل المخططات والرهانات الدولية والإقليمية, التي كانت تنظر بإستصغار الى هذه المجموعة البشرية.

ما هو الحل ؟؟
يرى الكثير من الخبراء الإستراتيجيين, والمحللين السياسيين, بأن الحل إنما يكمن في تشكيل وحدات مشتركة لمكافحة الإرهاب, وبناء منظومة دفاع إقليمي مشترك تتجاوز الحساسيات الصغيرة والعابرة، فالحاجة الى تشكيل وحدات مكافحة إرهاب مشتركة بين دول المنطقة, تنبع من فكرة مفادها أن الإرهاب ألان هو التحدي المشترك بين كل الدول، فعنوان المشروع الإرهابي يشمل المنطقة برمتها وبدون استثناء, وان ما يحدث في العراق هو مجرد مرتكز، وان المتصورين بأنهم في مأمن من تيار الانحراف والتكفير هم واهمين.

المؤكد الآن في هذه الفترة, هو إمكانية قيام مشروع بناء منظومة دفاع إقليمي مشترك في المنطقة, خاصة وأن قوات الحشد الشعبي لا زالت نواة قوة عسكرية ضاربة صغيرة, لا تزال إلى الآن منضبطة بقوة وعقال الضوابط الأخلاقية والإلتزامات الشرعية, المتأتية من قوة الهيمنة الروحية للمرجعية الدينية الشريفة المتمثلة بسماحة السيد السيستاني, بالأخص بعد إصدار المرجعية الشريفة لوثيقتها التاريخية, كبيانً لحقوق الإنسان, ووثيقة إسلامية للحقوق المدنية والسلم الاجتماعي في مناطق النزاع.

ان الالتزام بالنهج المرجعي والامتثال لتعاليم المرجعية أساسه القناعة الراسخة بأنها قادرة على تحديد أولويات الأمة في الظروف الاستثنائية وتوجيه الأمة وإرشادها في الظروف الصعبة, مع أنها كانت أصدق مثال للمقولة المأثورة: احذروا غضبة الحليم إذا غضب !
*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالأيديولوجيات السياسية المعاصرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك