سؤال قد تعتبره أنت استفزازي . ولكن في الحقيقة هو لتقويم الذات أولاً ولمعرفة الآخرين . فالإنسان ( الرخل ) هو الذي يغتنم الفرص و يستثمرها من أجل أهداف معينة تختلف باختلاف منطلقاتها لا تخرج عن إطار المنفعية الذاتية القصيرة الأمد . فهو لاعب ماهر يجيد كل الأدوار .
يحكى إن احد مربي الحيوانات كان لديه أغناما وماعزا و(رخل ) ،(والرخل ) حيوان هجين يجمع في بعض صفاته الوراثية بين الأغنام والماعز - وفي احد سنوات القحط وعدم نزول الإمطار ،أراد مربي الحيوانات هذا أن يحافظ على قطيعه وضمن حدود إمكانياته ، فاهتدى إلى طريقة مناسبة في تقديم العلف إلى حيواناته ، وقرر أن يقدم العلف إلى الأغنام يوما والى الماعز يوما آخر ، حتى يستطيع الحفاظ على قطيعه ويتجنب مخاطر سنة القحط التي نزلت به فانتهز ( الرخل )هذه الفرصة فكان يأكل مع الأغنام في يوم علفها ويفعل ذلك مع الماعز في اليوم التالي ، مدعيا انه من أقارب كل منهما مستفيدا من بعض صفاته الجسمية التي تتشابه مع الأغنام والماعز .
ترى كم من (الرخول) بيننا ينتهزون الفرص ،ويأخذوا من أموال الدولة مالا يستحقونه مستفيدين من ضعف الجهاز الإداري والرقابي وفساده .وكم شخصا كان متعاونا مع أجهزة النظام القمعي ألصدامي، تمتع بالحقوق كغيره من الذين قارعوا النظام المقبور ،وكم من أمثال هذه (الرخول ) اخذ صفة (مجاهد ) وتمتع بما يتمتع به المجاهد الحقيقي الذي كان يحمل روحه على كفه ، وكم شخصا سجن لأسباب غير سياسية (سرقة ، اختلاس....الخ) تمتع بحقوق السياسي الحقيقي الذي أفنى بعض عمره في سجون الجلادين . وكم ... وكم ... وهل من آلية لمعالجة هذا الخلل.
لقد بات كل العراقيون يجمعون على أن تردي وتدهور العمل السياسي في العراق قد وصل إلى مداه الشيء الذي بات ينذر بموت السياسة و بنهاية الأحزاب السياسية العراقية بعدما تحولت معظمها إلى أحزاب تتسابق على تقرب ( الرخول ) .
لقد أدى هذا الوضع المتأزم الذي يعيشه المشهد الحزبي العراقي إلى تنامي ظاهرة ( الرخول ) في عراق اليوم بشكل فظيع حيث أصبحت من أخطر الآفات التي تنخر في أوصال المجتمع و أسسه ، و معولا هداما يعمل على القضاء على ما تبقى من القيم و المبادئ ،لاسيما وأننا نلمس المبدأ ( الرخول ) في زمننا هذا أكثر من أي زمن مضى ، و لا نعني بكلامنا هذا أن العراق لم يعرف هذه الفئة من الناس إلا في زمننا هذا ( فالرخول ) قد يكون مفهوما جديدا يستخدمه المثقفون و السياسيون في مصطلحات القاموس السياسي الحديث ، وأنه أسلوبا متبعا منذ القدم ، فهي ظاهرة إنسانية خطيرة تطفح بشكل عنيف في النفوس الشريرة و تظهر على السطح في الظروف العصيبة ، و لها عواقبها و انعكاساتها السيئة على المجتمع كسائر الظواهر و الآفات الاجتماعية الأخرى ، لأن ( الرخل ) يحطم صمود المجتمع و يجعله في بلبلة شديدة و يفقده قدرة التمييز بين الحقيقة و الهجين بحيث تضيع المقاييس و المعايير فيتمزق من الداخل و يصبح كالأشلاء بل إن ممارساته الضيقة الأفق شكلت مدخلا يدفع البلاد بكل شرائحها و بكل ما تمتلكه من قيم و مثل و إنجازات ضخمة و عظيمة و تاريخ حافل على صعيدي النظرية و التطبيق إلى هوة سحيقة .
ومن أجل تنقية ساحات العمل السياسي والاجتماعي من أدران ( الرخول ) .فعلى منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية العاملة في العراق ، على محاربة ( الرخول ) ، واستئصال جذورها .
https://telegram.me/buratha