قيس المهندس
جميع الأديان السماوية، نزلت من قبل الباري عز وجل، وإن كانت تختلف في بعض تشريعاتها، بيد أنها تبقى متوافقة مع الهدف الذي شرعت لأجله، في إنسجامها مع الفطرة الإنسانية، فالنظرية الإلهية تامة الغرض، سواء من حيث النظرة الكونية الشاملة التي تتبناها، أو من خلال أيديولوجيتها المنبعثة من ذاتها، والمفتقرة للتشريع.
إذن فالخلل في الممارسة، وليس في النظرية، لذا تباينت الأديان وفق تباين التطبيق، فالنظرية الإلهية، محكومة بمجموعة من السنن، لا تبديل فيها، ومن هنا يتبين لنا أس المشكلة، في الإختلاف الدائر بين أبناء الأديان السماوية؛ الا وهو الإنسان ذاته، ويتضح أن الوئام ينبغي أن يكون بين الإنسان، لا بين الأديان!
لذلك يتحتم على جميع الأطراف، نبذ التطرف، وعدم القاء التهم على بعضهم البعض، وينبغي إعتبار الإرهاب طرفاً ثالثاً، وطرف عدو، عندها فقط نكون قد سرنا نحو الأمام، بإتجاه تحقيق الوئام، وذلك الوئام بحاجة الى وعي الذات، حيث تنبذ كافة النعرات القومية والطائفية والعنصرية، وإخراج الخلاف عن محيط دائرة المصالح الضيقة.
حينما ينكفيء القدر، نتضرر جميعاً بلا إستثناء، وإذا ما ضاع الوطن، لن ينجو أحد من مكوناته، وكما يقال: على الباغي تدور الدوائر، فالإرهاب لا يميز بين الأبيض والأسود، ناهيك عن الرمادي، ولا بين المسيحي والمسلم، ولا بين القومي والإسلامي، بل إنه يستهدف كل ما هو عراقي، وكل ما هو حي!
جميلٌ أن يقام مؤتمر لحوار الأديان، يجمع أبناء الوطن الواحد، ويحضره قيادات البلد، السياسيين منهم والدينيين على حد سواء، والأجمل من ذلك؛ ما يتمخض عن المؤتمر على أرض الواقع، من الحث على تآلف القيادات الدينية والسياسية، بشتى أهوائهم وأنتمائاتهم، ويتبعه بتوحد أبناء الوطن، على كلمة سواء بينهم، تحت خيمة الوطن.
بالرغم من عدم وجود ورشة عمل لذلك المؤتمر، الذي انعقد برعاية السيد عمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، ولم تصدر عن المؤتمر أي مقررات، لكنه يبقى نقطة شروع وبارقة أمل، نحو وحدة حقيقية، لإستعادة المعاني السامية للوطنية، والتي سوفتها الخلافات الناشئة عن الصراعات السياسية، طوال العقود المنصرمة، من تأريخ العراق الحديث.
https://telegram.me/buratha