يبدو إنّ التغيير جذري, رغم إنّ يد القدر هي الراعي الرسمي؛ فبعد موت الملك عبد الله, إستلم سليمان بن عبد العزيز..تطورات خطيرة وكبيرة تشهدها المنطقة؛ آخرها كان الرد المقاوم من حزب الله على عملية القنيطرة, وإصابته المباشرة لآليات وجنود العدو وضباطه..حدثٌ تبعته أحداث, وباب الإحتمال مفتوح لكل ماهو جديد. الديوان الملكي يعلن عن توجيه الملك بترتيب إجتماع عاجل وحاسم, إعتبره المراقبون رداً على إجتماع مجلس الوزراء المصغّر في تل أبيب..ما هذه القرارات التي ستغيّر مجرى التاريخ؟
الملك شخصياً يعلن عن "إستعداد المملكة العربية السعودية للتصدي لأي حرب أو حماقة يرتكبها الصهاينة" مضيفاً "إنّ حزب الله أخوتنا ولبنان بلداً شقيقاً لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي إن أقدم الصهاينة على حماقة ما"..الملك الجديد, بدا جديداً في كل شيء؛ إذ لم يكتفِ عند هذا الحد, وراح بعيداً وكأنه يقول (نقول ونفعل). حيث أضاف (جلالته): "سنعطي أومرنا المباشرة لطائرات الـ أف16 السعودية بالتحليق والإستعداد لما يمكن أن يحدث" فيما تعاطف الملك السعودي مع الدعوة التي قدمتها دولة الإمارات بـ"سحب درع الجزيرة من البحرين وزجه في خطوط الجبهة اللبنانية والسورية وقبالة السواحل الإسرائيلية في ميناء إيلات" وقال الملك "إنّ دعو دولة الإمارات لا تحتاج إلى نقاشات طويلة, بل ستنفذ فور إنهاء الإستعدادات". ويبدو إنّ سليمان بن عبد العزيز ناقش جميع التصورات والسيناريوهات الممكنة؛ فقد هدد الغرب بما إسماه "عدم التدخل في معركتنا المصيرية, ومن سيتدخل سنقاطعه وسيلقى ما لا يتوقعه" داعياً إيران والعراق إلى إجتماع عاجل لوضع تصورات أولية حول إمكانية "إستثمار النفط سلاح في المعركة"..الرد البحريني جاء سريعاً ومتسحماً, إذ أطلقت سراح جميع المعتقلين السياسيين, وهي بإنتظار اللحظة الحاسمة. قطر بدورها وجهت قناة الجزيرة بدعم المقاومة وتبني خطاباً مقاوماً موجهاً ضد إسرائيل فقط.
قرارات الملك السعودي لم تقف عند حدود الخليج, إذ تحمّست الحكومة المصرية, مبدية دعماً كبيراً وإستعداداً لخوض ما أسمته "معركة الشرف"..الشعوب العربية في المغرب العربي, خرجت بمظاهرات حاشدة تأييداً لموقف الملك سليمان بن عبد العزيز, وقال أعضاء اللجنة المنظمة للتظاهرات "لقد كانت تونس وبعض دول المغرب تحتل الصدارة بإرسال الإنتحاريين والإرهابيين للعراق وسوريا, وقد حان وقت التكفير عن تلك الخطايا..سنكون قريباً على الجبهة لمواجهة الصهاينة"..فلسطين, كانت لها كلمة, إذ إعتبرت شخصيات فلسطينية "إنّ الشباب الفلسطيني إحتل لإكثر من عام المركز الأول ضمن الإنتحاريين الذين يفجرون المدنيين في العراق, وسنلعن هؤلاء بتوجيه سلاحنا نحو عدو الأمة"..
ردود الفعل جائت سريعة من أمريكا وعموم العالم الغربي؛ فقد إعتبرت الشركات والحكومات الغربية "إنّ المقاطعة العربية والإسلامية وإستخدام النفط كسلاح كارثة يجب تجنبها, وعلى إسرائيل الكف عن إستفزاز المسلمين والعرب ومعرفة حجمها وسط بحر إسلامي متلاطم الأمواج, ونحن غير مستعدين للتضحية بعشرات البلدان ومئات الملايين من البشر من أجل دولة واحد ببضعة ملايين". الرد الغربي يبدو متوقعاً, فالثروة هنا, والقوة البشرية هنا, وموقف الملك الجيد وحّد البلدان حول هدف واحد فقط, وبالتالي لن يدخل الغرب برهان خاسر ويفرّط بحلفاءه ومصالحه.
وعادت الكرامة الضائعة, وأكّد العرب إنهم يستحقون الحياة فعلاً؛ وهذا هو الواجب, فالملك لم يعمل أكثر من الواجب, سيما إنه رجل طاعن بالسن, وبهذا الموقف دخل مرشحاً رسمياً كـ"أعظم شخصية" في القرن الحالي..
لكن..لم ولن يفعلها إعرابي قط..!
https://telegram.me/buratha