حسين الركابي
يبدو ان قانون اجتثاث البعث الانتقالي، الذي سمي مؤخراً بقانون المسائلة، والعدالة؛ اضحى اشد انتقاماً، واكثر حرماناً على ضحايا النظام البعثي، الذي قبعوا اكثر من ثلاثة عقود ونصف تحت حكم ذلك النظام، وتحملوا غياهب السجون، والمعتقلات، والتشوهات الجسدية، وفراق الأحبة، وفقدان الأهل في الثرامات البشرية؛ وأحواض التيزاب..
قد لا يخفى على شعوب المنطقة، بما كان يجري على الشعب العراقي، ابأن حكم حزب البعث منذ توليه مقاليد الحكم عام1969؛ والذي تسنم قيادة البلاد بانقلاب عسكري فاضح، وضرب إرادة الشعب، وادخل العراق بأنفاق الحروب العبثية مع البلدان المجاورة، وحمل العراق خسائر كبرى بالأرواح، والممتلكان، وانهيار المؤسسات، والحصار الدولي؛ وجعل العراق يأن تحت طائلة العقوبات الدولية" البند السابع"..
حيث أفضى حكم حزب البعث في نهاية المطاف باجتياح العراق، من قبل القوى الدولية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003، وفتح الباب على مصراعيه امام التدخلات الخارجية، وانهيار المؤسسات الكبيرة، والحيوية، وجعلها عرضة أمام اصحاب النفوس الضعيفة، وحل المؤسسة الأمنية، والاقتصادية، والمالية؛ وجعل العراق أشبه بصحراء قاحلة، يدور في فلكها كواسر المصالح، وخفافيش الظلام..
حقبة مظلمة مرت على الشعب العراقي، أخذت في جلبابها مئات الألوف من الشباب، والشيوخ، والنساء، والأطفال؛ وخلفت ورائها سحابة كبيرة من الأيتام، والأرامل، والمشردين في أصقاع العالم، والشحاذين في بلد يطفو على ثاني اكبر احتياطي في المنطقة من البترول، والمعادن الأخرى، والسياحة الدينية، والزراعة...الخ؛ حيث استبشر الشعب بإزاحة ذلك الكابوس، الذي جثم على صدورهم عقود من الزمن..
فقد ركن الشعب إلى إرادة المرجعية، والقوى الوطنية بعد سقوط الحزب البعثي، وانتظروا أن يسن قانون ينصفهم من جلاديهم، والترفع عن الثارات الشخصية، والعشائرية، والتشفي، ويتولى هذا الأمر القضاء، والمحاكم العراقية؛ من أجل إنصاف الضحايا، والمتضررين، ومعاقبة الجناة، والمتورطين بأعمال إجرامية، وإطلاق سراح من هم خارج الكابينة الصدامية؛ الذي أجبرتهم لقمة العيش، الإنخراط بصفوف البعث..
أصبح هذا القانون الانتقالي( المسائلة، والعدالة) بعد الــــ 2006 ملفاً سياسياً بامتياز، وورقة ضغط كبيرة على ابناء الشعب العراقي من جميع الطوائف، والقوميات، وخرج من محتواه الحقيقي، وهدفه الاسمى؛ وهو احقاق الحق، وانصاف المظلوم، وصار مكسباً انتخابياً يتداول كل بدأ انتخابات برلمانية؛ حيث يعد السنه جمهورهم بإلغاء هذا القانون، ويعد أصحاب السلطة الحاكمة بتطبيقه حسب الولاء الحزبي..
بين هذا، وذاك، واختلاف المصالح الشخصية، والحزبية؛ تسلق معظم الجلادين الى هرم القيادة الامنية، والسياسية، والاقتصادية؛ كونهم اعلنوا ولائهم الى الحزب الحاكم، وصاحب القرار؛ تحت مفهوم" من دخل بيت ابو سفيان فهو امن"، ومن لم يدخل البيت المعلوم، يقبع تحت مطرقة الاجتثاث، وسندان تجار السياسة، وساسة الصدفة...
https://telegram.me/buratha