بسم الله الرحمن الرحيم.
(وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ.) النحل-91.
بعد أشهر قليلة سيمر على العراق العام الثاني عشر على سقوط صنم الإستبداد. وكانت هذه الأعوام الطويلة المضنية كافية لبناء أسس دولة رصينة قوية متقدمة في كافة مجالات الحياة لو كانت إرادة أصحاب القرار بمستوى المسؤولية الوطنية لإنقاذ الوطن من محنه الكثيرة التي ألمت به. هذا الوطن الحضاري الذي أنعم الله عليه من الكنوز والأراضي الشاسعة والمياه والأيدي العاملة. وفيه من الخبرات العلمية مايؤهله للنهوض.لكن الذي يحز في نفس كل مواطن عراقي ينتمي لتربة وطنه الطاهرة، ويتمنى له التقدم والرفعة ليأخذ مكانه الذي يستحقه بين الأمم إن تلك الأعوام تميزت بالصراعات المريرة على السلطة والمال وترك الوطن في مهب الريح أمام الأخطار المحدقة به. وكانت الإخفاقات نتيجة طبيعية لتلك الصراعات بعد فسحة صغيرة من التفاؤل الذي أنعش النفوس التعبى عقب سقوط الدكتاتورحيث تلاشى ذلك التفاؤل شيئا فشيئا في وطن يحسده الكثيرون على النعم التي يزخر بها. ورغم الألم والمرارة ظل بصيص الأمل يتقد من جديد في نفس المواطن تحت ظل العملية الإنتخابية.
وهو يمني نفسه، ويأمل من حكومته أن تنتبه إلى ما ترتكبه من أخطاء قاتلة . لكن الرياح ظلت تجري بما لاتشتهي سفن الفقراء بعد أن أثبت معظم السياسيين الذين مسكوا زمام السلطة بأنهم أصحاب غايات ومصالح أنانية فردية بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب العراقي. فآشتدت الأزمات وآنطلقت النعرات الطائفية والعنصرية ونُهبت ثروات البلاد.وبعد كل ميزانية ضخمة تتبخرالأموال وتتراجع الخدمات ، ويزداد عدد العاطلين عن العمل،وبات وطن الرافدين يستورد كل شيئ ولا ينتج شيئا غير الجدل العقيم على شاشات الفضائيات. وحين يشتد بي الحنين إلى وطني أذهب إليه واللهفة تغمرني إلى رؤية مشروع إقتصادي في مدينتي لينتشل الكثير من الشباب العاطلين لكن طرفي يرتد حسيرا فلا أرى غيرالشوارع المحفورة ، وأكوام القمامة ، ودجلة الحزين الذي يئن من الأوجاع ، والشيب الذي غمر رؤوس طلابي الذين كانوا على مقاعد الدراسة لسنين طويلة وهم دون وظيفة أو بيت او تكوين أسرة. وبدت سحناتهم المتعبة وكأنهم في عالم الأموات ولم يلتفت إليهم أحد من الحكام الذين جاءوا لينقذوا الوطن من محنته ولكن في الفضائيات فقط. وكانت المرجعية الرشيدة توجه وترشد وتحذر من الفتن الطائفية ، وتنبه إلى مكامن الخلل في الدولة العراقية عسى أن يقف الحكام وقفة صادقة مع الذات. ولكن لاحياة لمن تنادي لمن أغرته السلطة فتفاقمت الأخطاء وتراكمت. وظل الدم العراقي الطاهر يسيل في كل بقعة من ثرى العراق من قبل عصابات البعث الفاشي والقوى الضلالية التكفيرية التي وجدت في الكثير من الثغرات فرصتها الذهبية لتصفية حسابها مع الشعب العراقي .وصار العراق ساحة دامية،
ولم تسلم من نوازع القتلة حتى قبور الأولياء والبنى التحتية للوطن.كل ذلك كان يتم لزرع بذور اليأس والإحباط في نفس المواطن العراقي مع ظهور الضعف الذي كان يدب في جسد الحكومة المتنافرة التي عجزت عن توفير الحماية لشعبها. وكل متابع للمشهد السياسي العراقي كان يرى ويسمع كيف أخذ أيتام العهد الصدامي يطالبون بتأليف حكومة (إنقاذ وطني) للإجهازعلى العملية السياسية بحجة أنه الحل الوحيد لتخليص العراق من حمام الدم الذي ساهموا فيه.وكانت نذر كارثة وطنية جديدة تلوح في الأفق ، ولم يسمع الشعب من الأقطاب غير التصريحات العنترية الخاوية والمنفصلة عن الواقع إلى أن حدث الغزو الداعشي في العاشر من حزيران .
وجرت على أثره المجازر البشرية الكبرى في سبايكر وبادوش على أيدي التتار الجدد ، وشُرد مئات الآلاف هائمين على وجوههم في الصحاري بعد أن فقدوا كل شيئ. وآنطلق صوت المرجعية المجاهدة بالجهاد الكفائي لإنقاذ العراق من محنته الجديدة. وهب أبناء العراق الشرفاء تلبية لهذا النداء لصد هذا الغزو الجاهلي وتطهير العراق من رجسه. وتألفت حكومة جديدة من جميع الكتل السياسية. ووضع رئيس الوزراء الدكتور حيدرالعبادي أخطاء الماضي القاتلة نصب عينيه لتجاوزها مع أعضاء الحكومة والنواب بعيدا عن كل نعرة طائفية تؤذي الجميع.لكن بعض السياسيين بدأوا يتحدثون في فضائيات الفتنة من جديدعن(الإقصاء والتهميش) ويصبون جام غضبهم على الحشد الشعبي المضحي الذي سطر الملاحم، وحرر الأرض من دنس هؤلاء الأوغاد.. وتناسوا القسم الذي ألزموا به أنفسهم بالحفاظ على تربة العراق.
واتساءل كأي مواطن لمصلحة من يحدث هذا ؟ ولماذا يساهم هؤلاء في تدمير الوطن؟
وهل الأمريكان قادرون على حل مشاكل العراق .؟
وأخيرا ليس لي إلا أن أقول كملايين الفقراء قلبي على وطني.
https://telegram.me/buratha