المقالات

مُستشارون فَضائِيّون

1437 01:27:55 2015-01-17

أما الخبراء الحقيقيون والعلماء المتخصّصون فلا تلتفت لهم الدولة العراقية ابداً، وذلك بسبب الحزبيّة الضيّقة والمحاصصة المقيتة والاعتداد الكاذب بالنفس وبقدراتها الوهميّة. ولقد فعل خيراً عندما تطرق اليوم ممثل المرجعية الدينية العليا خطيب العتبة الحسينية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي لموضوع الخبرات والطاقات العراقية العلمية عندما لفت انتباه الدولة لها داعياً الى الاستفادة منها في حل المشاكل العويصة التي يعاني منها العراق وعلى مختلف الاصعدة.

ان الدّول المتحضّرة تلجأ الى خبرات ابنائها كلما داهمتها مشكلة او حاولت ان تنتقل الى مرحلة جديدة من مراحل التطوّر والتجديد والتحديث، اما البلدان المتخلّفة فهي التي تظل تلف وتدور حول المشكلة من دون ان تصغي الى رأي خبير او مقترح عالم او فكرة باحث.
وأتذكّر جيداً كيف ان الرئيس اوباما صرف وقتاً طويلاً يعقد الجلسات والاجتماعات في البيت الأبيض مع الخبراء الاقتصاديين من اساتذة الجامعات وكبار مدراء الشركات الاقتصادية العملاقة، ليقدموا له افكارهم ومقترحاتهم لعبور الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم وبالولايات المتحدة إبان فترة دخوله البيت الأبيض قبل حوالي () سنوات، حتى حصل على افضل الاستشارات من احدهم ليبني استراتيجيته الاقتصادية الجديدة عليها.
وهذا هو الفرق الأساسي بين الدول المتحضّرة والأخرى المتخلّفة، فبينما تعتمد الاولى على التنمية البشرية وما تنتجه خبراتها، لا تعير الثانية ايّ اهتمام لذلك، والتقدم والتطور والانتقال من مرحلة الى اخرى لا يعتمد الا على الطاقة البشرية اولاً وقبل اي مصدر آخر فهي التي توظف الخيرات وتفجر النعم الإلهية الكامنة في البلاد لتحوّلها الى أدوات ووسائل في عملية النهوض. ولست اعرف بلداً فيه جيشٌ من (المستشارين) مثل العراق، انهم (مستشارون فضائيون) بكل المعايير، والا فلو كانوا مستشارين حقيقيين للمسنا نتاجهم، ولما ظلّ العراق يتراجع القهقرى يوما بعد اخر.

لقد ورِث العراق الجديد نكتة سيئة من النظام البائد ولكن بالمقلوب، فبينما كان الطاغية الذليل صدام حسين يعيّن المطرودين من المغضوب عليهم دون مستوى التصفية، مستشارين في رئاسة الجمهورية، فان السّاسة الجدد يعمدون الى تعيين أبواقهم ومحازبيهم من الفاشلين والكثير من الفضائيين مستشارين في مؤسسات الدولة لقاء (خدماتهم الجليلة) لشخصهم المنحوس!.

والادهى والامرّ من ذلك ان الكثير منهم يتنقل من موقع لآخر وكأنه ظل المسؤول لا يفارقه اين ما حل وارتحل، وكلما تغير عنوانه الوظيفي!.
ان على الحكومة العراقية وشخص السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي ان يطلق حملة مركزة وواسعة لتصفية المستشارين الفضائيين وتقليل عدد حتى الحقيقيين منهم، وفي كل مرافق ومؤسسات الدولة، خاصة في المواقع الهامشية والثانوية، مثل منصب نواب رئيس الجمهورية، فحسب الدستور فانهم لا يهشون ولا يبشون، ولا اصفهم بأكثر من هذا، فما بالك بمستشاريهم؟!.

انّهم عبء على ميزانية الدولة وان رواتبهم ومخصّصاتهم وامتيازاتهم سرقات مقنّنة ينبغي التخلص منها وتطهير الدولة منهم، خاصة وان الكثير منهم اثبت فشله وجهله وعدم قدرته على تقديم اي شيء مفيد ونافع لخدمة البلد وعلى مدى سنوات طوال، فما فائدة وجودهم بمثل هذه العناوين؟!.
ان على مؤسسات الدولة ان تلجأ الى الخبراء والعلماء والكفاءات الحقيقيّة للاستفادة منها في حل مشاكل البلد من جانب والبحث عن فرص التنمية والتطور والانتقال الى المراحل الجديدة من جانب اخر.

الى متى تظلّ خبرات وطاقات وعلماء العراق مركونون على الرف بسبب الحزبية الضيقة والمحاصصة المقيتة، والبلد يمرّ بمثل هذه الظروف الخطيرة والعصيبة؟ الى متى تظل هذه الخبرات مجمّدة غير قادرة على المشاركة في انتشال البلاد من ورطتها وفي حل مشاكلها، فيما ينهك المستشارون الفضائيون والحقوقيون الفاشلون ميزانيّة البلاد بلا فائدة؟.

يجب ان لا يكون المعيار في اختيار المستشار الولاء للمسؤول او للحزب او ما أشبه، وإنما للوطن اولا واخيراً، فالمستشار ليس موقعاً تنفيذياً ليندرج في اطارات المحاصصة المقيتة، انما هو خبرة وعلم ومعرفة لا دخل لها لا بالولاء الشخصي ولا بالولاء الحزبي ولا بالمحاصصة.

وبهذا الصدد اقترح على منظمات المجتمع المدني وعلى المؤسسات العلمية ان تعرّف الرأي العام بمثل هذه النماذج من العلماء والخبراء من خلال التعريف بنتاجهم المعرفي كلٌّ حسب اختصاصه، ليمارس الاخير ضغطاً مستمراً على مؤسسات الدولة من اجل الاستفادة منهم وتوظيف خبراتهم في بناء البلد، فاذا كان المسؤولون متورطون بالامراض التي تمنعهم من الاستفادة من خبرات العراق، فما بال الرأي العام الذي وقف يتفرّج على هذه الخبرات من دون ان يحرّك ساكناً لتوظيفها في خدمة البلاد؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك