المقالات

الاسلاميون والحكم ... العراق مثالاً ؟

1387 01:48:43 2015-01-16


لابد لنا في البدء أن نفرق بين الاسلام كدين عظيم فيه نظام وقيم ومبادئ وفيه دستور الهي معصوم لا يقبل الخطأ أو النسخ او التأويل الأ وهو القرآن الكريم ، اما المسلمون فهم نتاج الاستجابة النظرية او الموضوعية للإيمان بذلك الدين وهذه القيم والمبادئ ومدى الالتزام بهما ، وهذا الامر بالتأكيد يختلف من فرد الى فرد ومن مجتمع الى آخر ، لان الاسلام شيء عظيم بلا أدنى شك ويا ليت المسلمون كذلك ؟!

بعد هذه المقدمة البسيطة يجب ان نبدأ من المراحل الاولى لما سمي ( بالربيع العربي) والتي رياحه اطاحت بحكام الدول الاسلامية وابتداءً من العراق ليكون محطة التغيير الاولى وتتسلسل الاحداث وسقوط الحكام العرب واحداً تلو الآخر ، وكلهم حكام مسلمون يحكمون الدول المسلمة .
بعد هذا السقوط المريع للحكام في عاصفة الربيع العربي جاءت مرحلة حكم الاسلاميين بتنوعهم المذهبي والقومي ، فمثال العراق بعد سقوط النظام البائد تصدت الاحزاب الاسلامية للحكم كما تصدى حزب ( الأخوان المسلمون ) للحكم في مصر وكذلك ليبيا وتونس وغيرها من دول الربيع العربي .
أن موضوعة الاسلاميون والحكم أو في الحكم هي من الموضوعات الجدلية والتي تعتبر مهمة في نفس الوقت وذلك لأن أصل نظرية الحكم لدى المسلمين وعموم الفكر العربي لم تحسم قضيتها بعد ، وما زالت قصتها قصة طويلة .
التنوع الديني والقومي مصدر ثراء وعطاء في البلدان المستقرة ، ولكنه في الظروف الشاذة وتدخل الاجندات الخارجية يتحول الى كارثة وبلاء ، وهذا ما حصل فعلاً في العراق ، والذي يتميز بالتنوع القومي الكبير من عرب واكراد وتركمان وأرمن وكلدان ، كما فيه التنوع الديني والمذهبي الاسلام ( الشيعة والسنة ) والمسيح ( كاثوليك وبروتستانت ) والايزيدين الصابئة والشبك .
كما فيه التنوع الفكري الايدلوجي ( الاسلامي ، القومي ، الليبرالي ، العلماني ) هذا فضلاً عن التعدد الديني والذي يحصل عادة فيما بين التنوعات المختلفة فيه .

هذا التنوع شكّل تحدياً كبيراً ومؤلماً في نفس الوقت خاصة في ظل التحول الديمقراطي بعد عام 2003 في العراق وضمن انتقالية سريعة من حكم الاستبداد والديكتاتورية الى اجواء الديمقراطية المنفتحة أي بتحول بمقدار 360 درجة ، ولكل من عناصر هذا التنوع طموحات وطلبات تصل الى حد الاختلاف في أبسط المفاهيم ، كما أن لكل طيف أو مكوّن آرأء او مفاهيم تختلف عن الآخر أختلافاً واضحاً ، ولهذا الأختلاف والتباين أثاره وأدواته كما ان الأذى القمعي الذي تركه حاكم الجور على حياة الشعب العراقي من جهة والانفتاح الذي حصل من جهة اخرى جعل كل طرف يمتلك خطاب خاص به أمام جمهوره دون وجود خطاب المكونات المأزوم والمزايدات والمطالب .

كما ان الجو الديمقراطي الجديد أيضاً اتاح الفرصة لإيجاد مختلف المؤسسات والأحزاب بدون رقابة فشكّل الوضع مشهداً غريباً ، وزاده تعقيداً فتم جراء ذلك تدافعاً كبيراً غير منضبط وتغانم غير مسبوق على ثقافة السلطة والمال .
كما يجب ان لا ننسى أن طبيعة المؤسسات القائمة من دولة وقوانين وتعليمات وسلوكيات في السلطة الديكتاتورية السابقة ، ومدى صعوبة وحساسية التدافع ليس فقط للأحزاب الاسلامية المشاركة في الحكم ، بل حتى الاحزاب الليبرالية الأخرى المشاركة .
ربما فترة ثلاثة عشر عاماً ليست كافية لإعطاء احكام قاطعة على تجربة الاسلاميين في العراق ، والتي شابتها الكثير من التعقيدات والتداخل والتواصل فيما بين المكونات الأنفة الذكر ، ومع ذلك فأن تجربة الاسلاميين لم تكن بالموفقة تماماً ، خصوصاً مع فقدان الرؤية السياسية لدى النخبة ، مع عدم القدرة على ادارة الملفات ، وفقدان الثقة بين المجموع لتتحول الديمقراطية الى ديمقراطية المكونات ( الكانتونات) وبناء السواتر والجبهات ،بين مختلف هذه المكونات ، وهذا بالتأكيد خلق نوعاً من التصادم بين الاحزاب المشاركة في الحكم وبين الحاكم الذي لا يملك الرؤية والإدارة السليمة للقيام بمهامه الدستورية .

أذا أردنا فعلاً ان نضع اولى خطوات التعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي حكومة وشعباً فهناك خطوات مهمة يجب ان نلتزم بها ، وهي الاعتراف بهذا التنوع الديني والقومي والفكري ، وترشيد مطالبه واجنداته ، كما يجب الاهتمام بالمواطنة الصالحة والتي هي بديلاً عن الهويات الاخرى ، والعمل بروح الفريق الواحد والمنسجم والناتج عن انتخابات حرة نزيهة وشفافة ، وضمان وحدة العراق ارضاً وشعباً وحماية وصون كرامة هذا الشعب .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك