حسين الركابي
عندما تريد أن تنظف السلم تنظيفاً سليماً، وتختصر الوقت، لأبد أن تبدأ من الأعلى إلى الأسفل؛ حتى تكون عملية التنظيف سلسة، وغير متعبه، وكذلك المنازل، والبنايات، وكل شيء؛ ولا يمكن أن نجد عاقل يقوم بهذه المهمة بالعكس، ويتسبب بضياع الوقت، وإنتشار الغبار من حولة، ويعرض صحته، ومن حولة إلى الخطر..
لا يختصر هذا الأمر على تنظيف الجماد فحسب، وإنما نجد الإنسان بحاجة ماسة اليه، وإذ أراد الإنسان أن يروض نفسة، ويكبحها، ويطهرها من المعاصي، والذنوب؛ لأبد أن يبدأ من أكبرها، وكذلك الغسل لتطهير البدن من مس الميت، أو اغتسال الجنابة، أو الجمعة، لأبد أن يبدا الغسل من الأعلى، إلى الأسفل..
هكذا علمنا الإسلام، والدين الحنيف، وكذلك إحتكمنا إلى العقل، والمنطق في أصول الحياة؛ من أجل أن نسير في ربوع الأرض مصلحين، ونكون من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، من أجل بناء مجتمع متحضر، ويرتكز على أسس صحيحة، ورصينة؛ ويتمتع بالحرية الإنسانية، والأخلاقية، والإجتماعية التي حددتها لنا الدساتير السماوية، والأعراف العربية..
كذلك الدوائر، والمؤسسات، وجميع مفاصل الدولة؛ ولا سيما وأن حكومة التغيير أتصفت بالإصلاحية، ومحاربة الفساد السياسي، والإداري، وهذا ما جاء في البرنامج الحكومي؛ الذي أعلن عنه السيد العبادي عند تشكيل الكابينة الوزارية، حيث بدأ بالمؤسسة الأمنية، التي هي أساس الأزمة الأمنية القائمة اليوم، ومشاكل القادة القائمين عليها، والفضيحة المدوية" الفضائيين"..
الإصلاح الذي بدأ بتغيير الوجوه الكالحة، والتي لم تجلب الخير إلى العراق، كما وصفتها المرجعية الدينية في النجف الأشرف؛ فلأبد أن يستمر الإصلاح، وإزالة الترسبات في جسد الدوائر، والمؤسسات الحيوية، والخدمية، والقضاء على جميع معالم الحقبة الماضية، ومعالجة مرض الفساد، والقرارات الإنفعالية، والمراهقة، وتصفير الأزمات الحزبية، والقومية، وأستقرار الوضع الراهن..
إن عملية التغيير التي جرت، لم تكن بالمستوى الذي يرتقي إلى طموح الشعب العراقي، وأعدها المراقبون إن هذه الإصلاحات ترقيعيه، من أجل إسكات الشارع، والمتضررين من السياسات السابقة، وتخطت الحيتان في سنام الدولة، وفي مقدمتها الوزارات الأمنية، والإقتصادية، والخدمية؛ التي لم نشهد تغيير حقيقي على مستوى مدير عام، أو وكيل..
إذا كانت السلطة التنفيذية المتمثلة برئيس الوزراء السيد العبادي، جادة في برنامجها الإصلاحي، لأبد أن تجري عملية فوق الكبرى، وتستأصل المرض المنتشر في جميع مفاصل الدولة، ولا تكتفي بإعطاء المهدئات، والمسكنات للشعب، بمعاقبة جندي هنا، وأخر هناك، وفصل بعض البوابين في الدوائر؛ وغض النظر عن" الحيتان الكبيرة، التي إبتلعت العراق"...
https://telegram.me/buratha