كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته, كلام عن رسول لا ينطق عن الهوى, فعندما يتصدى الشخص لمسؤولية معينة, يجب أن يتحرر من أنانيته, لكي يكون على قدر تلك المسؤولية. الأنا حسب المسؤولية, فعندما تكون مسؤول في بيتك,يجب إيثار الرعية على نفسك, وهكذا حتى نصل إلى رعاية مجتمع, وبالتالي يجب أيثار الرعية على اهلك, ولكن هل يفعلها الدكتاتور؟
لقد عانى العراق من زعماء, نفذوا قول الرسول ( صلواته تعالى عليه واله ) ولكن في المقلوب, فقد قرب هؤلاء الزعماء أهلهم وحاشيتهم المقربة, وصرف النظر عن رعيته وهو الشعب, وبالتالي تحطمت مقدرات العراق, فأصبح يقاد بعائلة مالكة وليست بجمهورية, وحتى الملوك قد راعوا رعيتهم.
إن تقريب الأقارب, وجعل الأبناء يتحكمون في مصير الشعب, يحلل نفسيا بالنزعة الدكتاتورية لدى الحاكم, وهذه النزعة تأتي من شعور الحاكم بأن جميع الرعيةضده, وهذا الشعور يأتي من تأنيب الضمير, لأن كل إنسان يعلم ذاتيا بقدرته, وحجم المسؤولية التي يستطيع تحملها, وبالتالي هم قد تزعموا أمرا ليسوا أهلا له.
في نظام هدام العراق, شاهدجميع العراقيين بل إن أغلبهم عاصروا هذا النظام, كيف تحول النظام من نظام جمهوري, جاء عن طريق حزب البعث, إلى نظام العائلة الحاكمة, وتغيير حزب البعث إلى حزب صدام وأهله, وتطور الأمر إلى حزب العوجة, وبجهود المتملقين من فاقدي القيم, تحول إلى نظام قمعي بحت. انطوت تلك الحقبة, وولت مدبرة بعارها, ولكن خلفت لطول فترتها, جيل أعتاد على حكومة القائد الأوحد, وكان من السهل لكل مريض بهذا المرض النفسي, اعتلاء شؤون المجتمع العراقي, وبالفعل أستطاع المالكي الوصول إلى الهدف, ووجد ضالته متناسيا إن الأمر اليوم يختلف.
حمودي لم يوفق لفترة طويلة, كي يكون عدي صدام, وعبد صخيل لم يوفق ليكون عبد حمود, ولكن المالكي وعائلته, استطاعوا خلال ثمان سنين, من نهب ميزانية كاملة, لكي يؤسسوا عرشهم الحاكم, على تجارة الفتنة والطائفية, التي كان كثير من سذج العقول, السعي ورائها دون معرفة هدفهم منها.
دماء كثيرة سالت خلال هذه الحقبة, من حكومة عائلة المالكي, وأموال نهبت من قبل حمودي, لذلك كانت الحكومة فاسدة إلى ابعد الحدود, وخلل واضح في قانون دولة القانون, مما سمح لفساد البعث السابق, أن يكون في موقع تقرير المصير, كقادة الجيش, وبعض أنصار المالكي.
هو واقف أمام خصمه, ليكيل له كل التهم, من دكتاتورية وعنصرية وخرق للدستور, بينما من يقف على الجانب, يضحك بشدة لحزنه! لأنه يراه واقفا أمام مرآة! يحدث نفسه بهذه الصفات ولكنه لا يعلم, ومن يصفق له بين واقف خلف المرآة لينعم بفساده, وواقف على جنب ولكنه لا يبصر, فقد أعمته أوتار الطائفية و القومية.
وصل المالكي إلى الحكم ممثلا عن حزب الدعوة, شيئا فشيئا أصبح حزب الدعوة حزب الأهل والنسابة, لأنه يدرك تماما أنه غير كفء لقيادة الرعية, فنفسيا يكون غير مطمئن حتى لحزبه الذي ينتمي إليه, ولكنه أرتطم بجدار الانتخابات, والحكومة البرلمانية, التي كبحت أنانيته ودمرت ما رام لبنائه.
https://telegram.me/buratha