كاظم الخطيب
كما يعلم القاصي والداني، إن دور المرجعية الدينية العليا في حفظ كرامة وسيادة العراق، كان دوراً مهماً وبارزاً؛ فهي لم تتدخل في الشأن السياسي، إلا في المواقف المصيرية، والحساسة، بحيث كان تدخلها تدخلاً حاسما،ً منطقياً، وواقعياً، دون المساس بالخصوصيات السياسية، أو الدينية، أو المذهبية.
شخصت المرجعية مكامن العلل، ومواطن الخلل، في مرافق الدولة ومؤسساتها العامة، للفترة من 2010، وحتى قبيل الإنتخابات البرلمانية في الأول من نيسان لعام 2014.
كان من أبرز المخاطر التي أشارت إليها المرجعية، هي تفشي حالة الفساد في المنظومة الأمنية، والعسكرية، وفشل حكومة المالكي في إدارة دفة البلاد، بل إنها قد أكدت في أغلب الأحيان على أن هذه الحكومة، هي أحد أسباب تفشي حالة الفساد تلك.
دعت المرجعية إلى إصلاح الأمور، وتدارك المخاطر الناجمة عن إختراق المنظومة الأمنية، وتمكن البعث من مفاصل الآلة العسكرية، من خلال التأكيد على جدية الموقف، وخطورة المرحلة، إلا إن تلك الدعوات قد إصطدمت بواقع سياسي مريض، من شأنه أن تتحطم فيه جميع آمال الشعب، وتوجهات المرجعية، على صخرة المصالح الشخصية، وأن تتهاوى فيه جميع القيم الوطنية، أمام بريق المكاسب، وإمتيازات المناصب.
لم تجد المرجعية أذناً صاغية، ولم تلحظ أي تغيير في مواقف الحكومة، تجاه الدعوات التي أطلقتها، والتي طالبت فيها بالتغيير، من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ونتيجة لوقوع ما كانت تحذر منه، عندما سقطت الموصل والأنبار، ومناطق واسعة من ديالى، بيد مقاتلي التنظيم الإرهابي( داعش)، حتى بات التكفيريين النواصب على مشارف بغداد.
سارعت المرجعية العليا في الثالث عشر من حزيران لعام 2014، إلى إصدار فتوى الجهاد الكفائي، دعت فيها الشعب العراقي إلى حشد طاقاته البشرية، وإمكانياته المادية، للدفاع عن البلاد، وحماية المقدسات الدينية، والإمساك بزمام المبادرة، والسيطرة على الأوضاع، بعد حالة الذعر والهلع، التي سادت البلاد، بسبب ما توارد من الأخبار عن إنكسار الجيش، وتخاذل القادة السياسيين، وعجز الحكومة المطلق عن إتخاذ التدابير، التي من شأنها تدارك الموقف، والصمود أمام الزحف الداعشي الكافر، وثيران العشائر وخنازير البعث، الموالين له.
كان خطاب المرجعية موجهاً لعامة الشعب، دون أن يستثني أو يختص أحداً
بعينه، بقولها إن “مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم مسؤولية الجميع ولاتختص بطائفة دون اخرى او طرف دون اخر”.
أثبت الشعب العراقي أصالته، ووحدة مكوناته، وتلاحم أبناءه، من خلال الإستجابة الفورية لفتوى المرجعية ونداء الوطن، حتى إمتلأت الشوارع والساحات والأزقة، بجموع المجاهدين، وهم يهتفون بحياة العراق.
دمت العيون فرحاً بهذا الحشد العظيم، وتغنت القلوب بحب الوطن، وتشوقت النفوس للشهادة سبيله.
حققت الثورة التي خطط لها السيد الفقيه الأعلى، السيد علي السيستاني أهدافها، منذ اللحظات الأولى لإندلاع شرارتها، فقد أطاحت بعروش الفاسدين، وأسقطت إسطورة الولاية الثالثة، كما حققت التغييرالمنشود بإيجاد الفريق القوي المنسجم لإدارة البلاد، وأثبتت أن في العراق رجالاً لا تليق بهم إلا ألقاب الفرسان، ولا يوصفون إلا بالأبطال، ولا يمتهنون إلا صناعة المجد.
ثورة حققت كل هذا، علاوة على تحقيق هدفها في دحر فلول داعش، وحفظت وحدة العراق، وأعادة الثقة بقدرة الإنسان العراقي على صنع الحياة، حري بها أن تكون عيدا ً وطنياً خالداً.
31/5/141220
https://telegram.me/buratha