علي فضل الله الزبيدي
تغمرنا العناية الآلهية، في كل زمان ومكان، ومن تلك العنايات وجود المرجعية الدينية بيننا، فهي الدليل للسبيل الأمثل والصراط الأقوم، وفي كل مجالات الحياة ومنها السياسة، لذا نرى إن القوى الظلامية ترفع شعار، فصل الدين عن السياسة، لكي لا يعترضها الوارثون لرسالة السماء، فالمرجعية خط يمتد للأئمة الأطهار"عليهم السلام"، ويتصل بنهج محمد"صلواته تعالى عليه وآله".
إن المرجعية الدينية في النجف الأشرف، المتمثلة بالمرجع الأعلى السيد علي السيسستاني"دام ظله "، كان لها الدور الإيجابي الكبير بعد أحداث عام 2003، وسقوط الطاغية صدام، فبعد أن تمكنت أمريكا من إحتلال العراق، عملت الى جر البلاد لسياسة الفوضى الخلاقة، ولكن بفضل الباري عز وجل، وحكمة السيد السيسستاني"دام ظله"، إستطاع أن يحرج قوات الإحتلال، ويرغمها على كتابة الدستور بإيادي عراقية، وأنبثاق حكومة وطنية، عن طريق إجراء إنتخابات حرة وبإسلوب ديقراطي.
كان للمرجعية الدينية الأثر الكبير، في إصلاح الوضع السياسي في العراق، وخصوصآ بعد تشكيل الحكومة العراقية، وكانت بمثابة الأب الذي يغفو بأحضانه العراق آمنا، فأصبحت المرجعيةالعين البصيرة التي ترقب سير عمل المؤسسات الحكومية،سواء التشريعية منها أو التنفيذية، وكذلك السلطة القضائية ،فكانت تحدد مواطن الضعف، ومواضع الفساد في عمل الدولة العراقية، وتبلغ المسؤولين الحكوميين من أصحاب القرار، مرة مباشرة عند لقاء المرجعية الدينية، بالوفود الحكومية التي تزور مكاتبها في النجف الأشرف, وتارة من خلال خطب الجمعة ، التي يلقيها وكلاء المرجعية ومعتمديها.
وبعد أن وصل الحال بالحكومة، لتدير بوجهها عن المرجعية، وتتجاهل مسؤولياتها تجاه الشعب،والتي نص عليها الدستور في بنوده، أمست الحكومة كما قال الشاعر(أسمعت إذ ناديت حيآ..ولكن لا حياة لمن تنادي)! وصار هذا الحال جليا، إبان الولاية الثانية لحكومة المالكي، وهنا أغلقت المرجعية أبوابها أمام الحكومة، ونتيجة لما يملي على المرجعية الدينية، واجبها الشرعي والأخلاقي، جعل منها أن لا تقف موقف المتفرج، على ما يحدث من فساد وإنحراف، في مسار الدولة العرقية ومؤسساتها، فأنبرت تشحذ الهمم وتنادي بالتغيير، فجاءت الإنتخابات ولم تكن النتائج بالمستوى المطلوب، والأسباب وراء ذلك كثيرة ومعروفة، ولكن بوجود ثلة طيبة، من الساسة العراقيين، الذين يولون المرجعية الرشيدة الطاعة ،ويؤمنون بنهجها، كالسيد عمار الحكيم، الذي نهض بالمسؤولية التنفيذية للتغيير، وجاء التغيير من خلال تشكيل حكومة الأقوياء، وزوال حكومة الشخصنة وطلاب الولاية الثالثة.
إن مسؤولية الوزارة الجديدة، سوف تكون كبيرة،لأن التركة ثقيلة، لكون احكومة السابقة كانت تمر بسبات عميق، وصائمة عن فتح ملفات الفساد، لذا يتطلب من حكومة العبادي،أن تنهض بمسؤولياتها الوطنية والأخلاقية، والعمل على كشف الفساد والمفسدين، وترميم مفاصل الدولة، وإصلاح مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية، لا سيما الخدمية منها.
وعلى التشكيلة الحكومية الجديدة، أن تعتبر من سابقاتها، وتتجاوز الأخطاء الفادحة، التي وقعت فيها، من فساد إداري ومالي، وعلى كافة المستويات والأصعدة، وصار لزاما على العبادي ووزارته الجديدة، إصلاح مؤسسات الدولة، وما يتناسب وبنود الدستور من حقوق وواجبات، لضمان إرساء قيم العدالة والمساوة، بين أبناء الوطن، وهذا ما أرادته مرجعية النجف،من حصول التغيير.
إن قيام المرجعية في النجف الأشرف، بفتح أبوابها من جديد، أمام الحكومة الجديدة يعني كثير، لأن ذلك يمنحها الثقة والدعم المعنوي، وستبقى أبواب المرجعية مفتحة، أمام الحكومة الحالية، ما دام الحكومة تحفظ للمواطنيين حقوقهم، التي كفلها الدستور العراقي الحالي، وإلاسوف تكون للمرجعية الدينية الرشيدة الكلمة الفصل!
https://telegram.me/buratha