المقالات

في الطّريقِ الى كربلاء () السّنةُ الثّانية

1150 02:05:39 2014-12-10

هذه الجموع المليونية العظيمة السائرة الى كربلاء المقدسة حيث مثوى سيد الشهداء الامام الحسين بن علي السبط عليهم السلام، هي كتلة كبيرة جداً من الطاقة الخلّاقة يمكن ان تغيّر وتبدّل الواقع المر الذي يعيشه مجتمعنا وتقلب المعادلة رأساً على عقب، اذا ما أُحسن توظيفها وزجّها في عملية الإصلاح والتغيير المطلوبة.

هذه الكتلة من الطاقة العظيمة ستقلب الموازين والقوى لصالح بناء عراق موحد وقوي ومقتدر ومنسجم وآمن ومطمئن اذا تهيّأت لها القيادة الشجاعة والحكيمة الصادقة مع نفسها ومع هذا الشعب الخلاق الذي اثبت غير ذي مرة انه على أتم الاستعداد لمواجهة التحديات والنزول الى الشارع مهما كلّف الثمن، كلما اقتضت الحاجة الوطنية. وها هي الملايين تنزل الى الشارع في أحرج الظروف الأمنية غير مبالية بالجرائم التي يرتكبها الارهابيون القتلة التكفيريون، ليثبتوا للعالم مرة اخرى ان العراق ليس كأيّ بلد اخر في مواجهته للتحديات، وعلى رأسها الارهاب.
فهذه الكتلة من الطاقة يمكن ان تُزجّ في مواجهة الارهاب لتأتي على آخره، فإذا كان الحشد الشعبي، الذي لا يمثّل الا نسبة ضئيلة جداً من مجموع المسيرة المليونية، نجح في تحقيق كل هذه الانتصارات الباهرة في الحرب على الارهاب، فلك ان تتخيل ماذا ستكون النتيجة اذا زُجّ كل هذا (الحشد) في المعركة المقدسة!.

سيقول السفهاء من الناس ان ذلك يعني اننا نهيء لحربٍ أهليّة!.
أبداً، انها ليست كذلك بالتأكيد، بالعكس فان ذلك بمثابة الاستعداد للقضاء على كل اسباب الحرب الأهلية، فوجود الحواضن الدافئة للارهاب في بعض مناطق العراق، هو سببٌ مباشر من اسباب الحرب الأهلية اذا ما استمرت مثل هذه المناطق تحتضن الارهاب وتهيئ له مستلزمات الاستيطان والديمومة. ولقد ثبت لكلّ ذي عين بصيرة ان الارهابيين يستهدفون كل العراق وليس جزءاً منه، أولَم يرتكبوا هذه الايام مجازر جماعية ضد أبناء العشائر السنيّة حتى في مناطق الحواضن؟.

صحيح انّهم يدفعون ثمن احتضانهم للارهاب كل هذه المدة من الزمن، وصحيح انهم يدفعون ثمن مواقفهم السلبية وأحياناً العدوانية ضد العملية السياسية التي ظلّوا يتآمرون عليها بكل الأشكال حنيناً منهم الى الماضي الاسود الذي ظلت فيه الأقلية تحكم الأكثرية وتسيطر على البلاد ومقدّراتها، وصحيح انهم يدفعون اليوم ثمن سكوتهم وأحياناً انخراطهم في صفوف منصّات الجمعة في مناطقهم فكانوا يصفّقون ويهلّلون ويكّبرون لخطباء المنصات من أيتام الطاغية الذليل صدام حسين ومن الطائفيين التكفيريين الذين قدّموا لهم خطاباً طائفياً وعدوانياً بامتياز من دون ان يحتجّ عليهم احدٌ منهم، صحيحٌ كلّ ذلك، الا ان المحصّلة هي انهم اليوم باتوا ضحايا لهذا الارهاب الأعمى الذي علّمهم درساً، وان كان قاسياً وباهض الثمن، مفاده ان الارهاب لم يكن أبداً وفي اي وقت من الأوقات البديل عن الانتماء للوطن والبديل عن التعاون والانسجام مع اخوّة الوطن الواحد.
وها هو السوم كلّ من ظنّ ان الارهاب سيكون رحمة عليه بدلا عن القوات المسلحة وقوات الشرطة، اذا بالارهاب يقتل ابناءهم ويستحيي نساءهم ويغتصب مدنهم ويدمّر تاريخهم وحضارتهم ومدنيّتهم ويمنع عنهم كل أدوات الحضارة في مسعى منه للعودة بهم الى زمن العصور المظلمة، والجاهليّة الاولى. 

اننا نرفض رفضاً باتاً وقاطعاً ان تتحوّل الحرب على الارهاب الى حرب استنزاف طويلة الامد، كما تبعث اليوم بعض الأطراف إشاراتٍ بهذا الصدد، ومنها واشنطن، لتسويق مفهومها وتهيئة ظروفها من اجل تدجين الرأي العام، فمن يريدها كذلك فليأخذها الى بلاده ولكن ليس في العراق أبداً.
نرفض ان تكون حرب استنزاف طويلة الامد تستنزف دماء شبابنا وطاقات شعبنا واموالنا وكل شيء ليستفيد منها تجّار الحروب الدوليّين وفي المنطقة.
ماذا يعني ان يفرض علينا عدة آلاف من الارهابيين حرباً استنزافية طويلة الامد، وفي البلد مثل هذه المسيرة المليونية المملوءة إيماناً واندفاعاً ويقيناً وحباً للوطن؟ هل يُعقل ان يفرض آلاف (الغرباء) أجنداتهم على الملايين من أبناء البلد؟.
نرفض رفضاً قاطعاً ان تُعشعش الخلايا الإرهابية في ايّ شبرٍ من ارض العراق الطاهرة، فان هذا الشبر سيستنزف كل العراق، وانّ على سنّة العراق ان يفهموا ذلك جيداً، فالارهاب اليوم بات يدمّرهم ويستنزفهم كما يدمر ويستنزف كل العراقيين.
لا ينبغي ان يظل سنّة العراق حطب محرقة الارهابيين الذين يحاولون خداعهم بمسميات طائفية بغيضة، واذا كانوا يقبلون باحتضانهم في مناطقهم لدوافع طائفية فإننا لن نقبل بذلك أبداً، لان الارهابيين حوّلها الى قواعد ينطلقون منها لضرب بقية مناطق العراق.

الى متى يظل العراقيون يعيشون الخوف والرعب الذي تزرعه سيارات الارهابيين المفخّخة وأحزمتهم الناسفة التي يفجرها دوابّهم في حشود الأبرياء؟ الى متى يظل الارهابيون يهدّدون إنجازات شعبنا في اقليم كردستان على طول حدوٍد تمتد الى اكثر من () كيلو متر؟.
كيف يحقّ لستّين دولة ان تحارب الارهاب في ايّ شبر من العراق، ولا يحقّ ذلك لشيعته؟ مالكم! كيف تحكمون؟.
لن يتحول الارهاب الى حرب استنزاف طويلة الامد وفي البلاد مسيرات مليونية تنتظر الإشارة من المرجعية الدينية العليا التي اثبتت نباهةً وحضوراً وشجاعةً وحكمةً منقطعة النّظير.
انها اليوم مسيرات استعراضية نتمنى على من يهمه الامر استيعاب رسالتها، قبل ان تضطر للنزول الى الميدان!.
ان على الحكومة، وخاصة المنظومة الأمنية، ان تضع خطة شاملة للقضاء على الارهاب وحواضنه وتقطع كل خطوط الامداد بمختلف اشكاله، في مدة لا تتجاوز عدة اشهر، والا فستتحول الحرب على الارهاب الى حرب استنزاف طويلة الامد يعتاش عليها تجار الحروب فتُشغِلنا وتستنزفنا، وهذا ما لن يقبله الحشد المليوني.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك