مر العراق مابين (2008-2014)، بظاهرة غريبة وهي عملية اجتثاث المخلصين والمجاهدين من دوائر الدولة ومؤسساتها الحكومية، وإعادة الأف البعثيين والفاسدين، إلى الواجهة في هذه الدوائر.
الآمر الذي أصبح مثار للتساؤل، حيث ادعى مؤيدو الحكومة، والمعتاشين على خزانة السلطان، أن مبرر ذلك أن المجاهدين لا يمتلكون الخبرة.! على خلاف من أعيدوا، آخر من أوعز الأسباب إلى كبر السن، لكن الواقع يخبر عن رجال تم الاستغناء عنهم، وهم في العقد الأربعيني أو الخمسيني من حياتهم.
مما زاد من حيرة المتابع، فهؤلاء امضوا سنوات في المنظومة الجهادية، وثبت نجاحهم، فضلا عن أدائهم في سنوات ما بعد التغيير.
اليوم حيث تفتح ملفات تلك الحقبة، يماط اللثام عن حقيقة هذا الإجراء، الذي ظهرت نتائجه قبل عملية التغيير الحالية، التي تمت في الحكومة، حيث ظهرت ملفات لا يمكن أن يقوم بها أو يتعامل معها، أي إنسان يحمل ذرة من الإنسانية، والحرص على نفسه ووطنه وانتمائه.
الأسماء الوهمية، مليارات الدولارات ذهبت إلى الفاسدين، بطرق غريبة وعجيبة، مصارف أهلية، مقاولات لمشاريع غير موجودة، مليارات الدولارات يتم إخراجها عن طريق المطارات نهارا جهارا، وغيرها من التجاوزات، التي أوصلت العراق إلى أن يعلن إفلاسه، وقبلها تحتل داعش ما يقارب من ثلتي البلد خلال ساعات، وتستولي على تجهيز ما يقارب من الأربع فرق، فضلا عن مليارات الدنانير كانت موضوعة في مصارف حكومية، تقع في محافظات مضطربة امنيا منذ سنوات.!
هنا فقط ظهرت حقيقة ما جرى من تغييرات، واجتثاث للمخلصين في تلك الحقبة الزمنية، السوداء من تاريخ العراق، كون المجاهد لا يمكن أن يتملق ويسكت عن باطل، أو تجاوز مهما كان بسيط، فكيف بما جرى خاصة في المؤسسة الأمنية، الذي تتحدث المعلومات عن وجود ما يقارب الربع مليون فضائي، في وزارات الدفاع والداخلية والمخابرات، هذه الأجهزة التي كانت تدار أما من الحاكم نفسه، أو من احد رجاله الذي جاء بهم، بعد التخلص من المخلصين. أن إعادة هؤلاء الرجال، الذي ثبت اليوم خبرتهم وقدرتهم على الإدارة والقيادة، من خلال تطوعهم في الحشد الشعبي، الذي أنقذ العراق من الانهيار، ينبغي أن يكون من أول أولويات الحكومة الحالية، وتسليمهم ملف التدقيق في الأسماء الوهمية، التي تكاد أن تشمل كل مؤسسات ووزارات الدولة العراقية.
أن الآمر يتعدى تجاوز قام به موظف فاسد، أو مسئول متآمر، بل هي أجندة معدة سلفا، لإبقاء العراق يعيش الفوضى والتخبط، خاصة وان هذا ملف واحد من ملفات أخرى، كلها تعرقل بناء الدولة، كالتعيين بالوكالة وترك مواقع مهمة بدون مسئول، فضلا عن الفساد المالي والإداري، الذي أصبح آنذاك مقنن، وتبني عصابات لتهديد وقتل أصحاب الأصوات، التي كانت ترتفع ضد ما كان يجري من دمار في المؤسسات الحكومية، وأي تأخير في إعادة المجتثين سوف يفقد التغيير قدرته على الإصلاح، ويمكن الفاسدين من معالجة بعض الملفات، لخبرتهم في التدليس وتغيير الحقائق...
https://telegram.me/buratha