مع (هبة) التغيير توقعنا - واصحاب النوايا الحسنة تمنوا - قيام حكومة قوية مدعومة بمعارضة اقوى.
لكن الحقيقة المؤسفة ان بعض الكتل والائتلافات والتحالفات تحمل شيئا من عقد وارهاصات وارث الماضي. يريد بعض مكوناتها نبذ تلك العقد بشكل او باخر لكنه مقيد وملزم بمسار برنامج حددته سياسة وتصورات الاعضاء الاخرين والذين تأخذ بعضهم العزة بالخطأ والاثم معا.
وهذا ناجم عن الاختلاف الكبير في توجهات خليط تلك الكتل غير المتجانس والذي فرضته ظروف معينة احيانا او دفعت اليه تصورات خاطئة رسمتها اضاليل العناد والمكابرة والمناورة السياسية، او وقفت وراء خيارات اهون الشرين وعسى ولعل.
ومثلما اشتبك هذا البعض مرغما او مختارا بشباك عقد الماضي وارتضى اسرها فأن البعض الاخر انبهر بمغريات منجز الحاضر فسقط اسير شباكها.
وبين عقد الماضي ومغريات الحاضر تتأرجح اهواء بعض المسؤولين، تشد الجناح الاول ومتبني تصوراته ورؤاه مبررات قوة التسلط والهيمنة وربما الثأر لنفوذ ضاع وامتيازات سلبت ولذا فهم لايرضون الاّ باستعادتها وان كان الثمن عودة العراق الى عصر الكهوف، وان تطلّب الامر ارواح العراقيين جميعا، وابسط نشاطات الوصول الى ذلك الهدف واولى خطواته عرقلة المسار الديمقراطي بوضع العصي في عجلته والاحجار والاسلاك في طريقه وتخريب كل المشاريع البناءة وافشال كل الحلول بمختلف الذرائع والحجج والطرق الخبيثة ليبقى الحال كما هو عليه من الضعف والركاكة انحدارا الى حالة الفوضى والاضطراب والخراب التي تمهد للالتفاف والانقلاب. بينما تشد الجناح الثاني مغناطيسية الكراسي الجذابة وفخامة المكاتب الفارهة وزهو المناصب والسلطة. تشبثا يؤسس لتجذير وجودها والبناء من خلاله على تفردها واستحواذها على مقاليد الحكم وكأنه تكرار لتصورات ورؤى الجناح الاول برداء مغاير ولون مختلف، على الاقل هذا ما كشفته سلوكيات بعض فرقاء العملية السياسية، ونمت عنه نواياهم ووشت به تحركاتهم المريبة خلال السنوات العشر المنصرمة. ومع ذلك مازلنا نتطلع ونرجو مخلصين ان تهتدي الاطراف مجتمعة الى تشكيل حكومة قوية تقابلها معارضة بناءة اقوى، وان اقتضى الامر تقديم بعض التنازلات من اجل وحدة العراق وانهاء معاناة شعبه وهذا يتطلب نبذ ارهاصات وتداعيات المرحلة المنصرمة والاستفادة من دروسها.
لااحد يختلف على ان تشكيلة الحكومة يجب ان تضم جميع شركاء العملية السياسية ولكن ليست بالصورة التي تضعف اداء الوزراء وتعرقل مسار العملية السياسية ولا بالشكل الذي يجعل رئيس الوزراء مكتوف الايدي وهو يرى ضعف او فشل الوزراة الفلانية ولايستطيع ان يحرك ساكنا كون الوزراة المذكورة من حصة الكتلة الفلانية، ولا بالتوافق الذي يجعل الوزارة مسيرة برغبات واهواء الائتلاف الذي ينتمي اليه الوزير، ولا بالطريقة السابقة التي جعلت الوزير او المسؤول الحكومي الكبير يعمل "بدوامين" صباحاً مع الحكومة ومساءاً مع المعارضة، ، ويتحدث بصوتين صوت حكومي وصوت معارض .
فليس من المعقول بل من المستحيل ان ينجح اداء حكومة ديمقراطية بدون وجود فاعل لمعارضة برلمانية قوية، شريطة ان تكون معارضة بناء ورقابة وتقويم وتنبيه وتحذير.
https://telegram.me/buratha