هناك شرذمة ممن لا يفقهون شيئاً، عن الفكر وقضايا علم الإجتماع، فتراهم يتحدثون بإتجاهات ليست في صلب ما يصبون إليه.
في كل عام، مع دخول شهر محرم الحرام، يقيم المسلمون الشيعة بشكلٍ خاص، مراسيم عزاء كبيرة وواسعة، بمناسبة إستشهاد الإمام الحسين، ويقيمون شعائراً لأحياء تلك الفاجعة الأليمة، حيثُ تتطور هذه الشعائر من عام لآخر، فقد توارثتها الأجيال، أباً عن جد، وتقام هذه الشعائر دون الرجوع إلى فقيه أو إصدار فتوى، لأنها عبارة عن ردة فعل عاطفية تجاه قضية إنسانية.
تختلف ردة فعل الإنسان تجاه حدوث قضية معينة، من فرد إلى آخر، وبحسب نوع حصول القضية، فوقوع حادثة قتل شاب مثلاً، تؤثر في أمهِ وأهله، غير ما تؤثره الحادثة في بقية أقاربه ومعارفه، فكلما كان قريباً منهم زاد حزنهم عليه، وكانت ردة فعلهم حين سماعهم خبر قتله أقوى، وقد تكون ردة فعلهم هذه قاسية جداً مثل الإنتحار، وشواهد مثل هذه الحالة كثيرة.
في حادثة عاشوراء وقضيتها، تكون ردات الفعل مختلفة قطعاً، بين عشاق الحرية والدفاع عن الحقوق، وبين من يعتبر القضية ذات بُعد عقائدي، وبين من يعتبرها ثورة ضد الظلم ومصادرة رأي الآخر، وبين من يحسبها حادثة أليمة أدت إلى مقتل عائلة، كان لها الفضل على هذه الأمة، التي ردت جميلها بالأساءة والقتل، وبين من يراها مجرد حادثة كبقية الحوادث التاريخية، قضت مرحلتها وإنتهت مع نهاية أصحابها، وبين من يرى الحسين وأصحابه إستحقوا القتل! لأنهم خرجوا على ولي الأمر!
نعم، إن حادثة عاشوراء ووقعتها هي حادثة تاريخية إنتهت، لكنها إنتهت بماذا!؟ إنتهت بمأساة، وكشف قبح ودناءة من يعتبرون أنفسهم من صنف الإنسان، حادثة إمتاز فيها الحق من الباطل، إلا من وضع غشاوة على عينيه كي لا يرى الحقيقة، إنتهت عاشوراء كحادثة ولكنها عاشت كقضية ولم تنته بعد، بل ولن تنته أبداً، ما دام لأولائك الأوباش أحفاد يتكلمون كلامهم ويفعلون فعلهم.
من أولائك الأوباش سلالة قتلة الحسين، هم مَنْ يعترضون ويسخرون من الشعائر الحسينية، والتي قلنا عنها ما هي إلا ردات فعل عاطفية لا أكثر، وفي الآونة الأخيرة، بدأ هؤلاء الأوباش يطالبون بإلغاء هذه الشعائر! ولي أن أسألهم: من حفظ ونقل القضية الحسينية؟ ءالقضية(محتواها الفكري والعقائدي) أم الشعائر!؟
الشعائر هي من حفظت القضية الحسينية، وهؤلاء يحاربون القضية من خلال محاربتهم الشعائر(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللـ... بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللـ... مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف : 8]).
https://telegram.me/buratha