المقالات

احاديث عن الارهابي .. البغدادي

1368 18:32:02 2014-10-27

في بداية عام 2000 جلس البغدادي مع احد قادة العرب السنة البارزين اليوم، بدا غاضبا يشتكي من قيادته في الإخوان المسلمين، "جماعتنا مو حيل محتضنينا"، كلمات قالها البغدادي ويتذكرها القيادي السني، كان البغدادي حينها طالب دكتوراة في جامعة صدام للعلوم الإسلامية.البغدادي كان في تنظيم الإخوان المسلمين لكنه كان على خلاف دائم معهم لتوجهاته السلفية، وانفصل عنهم بعد الاصطدام بهم وانضم لـ "القاعدة"،

هذا بحسب قيادات وشخصيات سنية كانوا على علاقة بالبغدادي منذ اقامته في الطوبجي في بغداد حتى دراساته العليا في الشريعة.ويقول القيادي السني الذي كان يعرف البغدادي من ايام دراسته للدكتوراة، انه وبرغم انتماء البغدادي للإخوان الا انه كان ذا ميول سلفية معروفة تماما كحال مرشده الاول القيادي الجهادي محمد حردان قائد جيش المجاهدين السلفي في العراق، فمحمد حردان كان قياديا معروفا في تنظيم الإخوان المسلمين العراقي، ولكنه غادر لأفغانستان للقتال مع الجهاديين وعاد في بداية التسعينيات بميول سلفية واضحة، وخرج من التنظيم الإخواني في العراق.وارتبط البغدادي بمجموعة حردان تنظيميا وفكريا، وبعد سقوط بغداد أسس حردان جيش المجاهدين السلفي، احد اكبر الفصائل الجهادية في العراق. وحسب مقربين من الفصائل الجهادية فإن البغدادي لحق بمعلمه حردان وانضم لفترة وجيزة الى جيش المجاهدين،وبعد خروج البغدادي من سجن بوكا بدا اكثر تطرفا، وانضم لمجلس شورى المجاهدين بقيادة قاعدة التوحيد والجهاد.

ويتذكر صديق آخر للبغدادي وهو من قيادات القاعدة في الفلوجة خصلة ملفتة في شخصية البغدادي فيقول "كل تنظيم خرج منه البغدادي اصبح معاديا له، خرج من الإخوان فأصبح يكفرهم علنا ويسميهم عملاء زلماي خليل زاده، خرج من جيش المجاهدين للقاعدة فاصطدم بهم كثيرا خصوصا في الكرمة".ويتذكر بعض قادة الفصائل الذين اجتمعوا مع البغدادي في احد الاجتماعات عام 2007 لوضع حد للأقتتال السني السني بين «القاعدة» والفصائل الجهادية السنية الأخرى، يتذكرون كيف كان البغدادي يقول «هؤلاء حربهم أولى من الأمريكان» وكثيرا ما كان يهاجم الفصائل المقربة من الإخوان في العراق كجامع وكتائب صلاح الدين".

ويروي قيادي من احد الفصائل إن البغدادي كان يفضل إخفاء هويته والبقاء ملثما حتى في الاجتماعات مع فصائل تضم أقرباء له، وفي احد الاجتماعات المخصصة للتفاوض من اجل إيقاف الحرب بين "القاعدة" والفصائل الإسلامية السنية عام 2007 كان البغدادي يجلس ملثما، وعندما تحدث عرفه احد أقربائه بفضل علاقة نسب، فقد كان القيادي ينتمي لمدينة كبيسة العراقية وهي نفس مدينة زوجة البغدادي، وقال له "يعني أنت نسيبنا وتتلثم علينا" فضحك البغدادي ونزع اللثام.ولكن قياديا بارزا من الإخوان المسلمين في الفلوجة ينفي انتماء البغدادي لتنظيم الإخوان العراقي، ويقول انه كان مقربا فقط منهم، بفضل علاقته بمحمد حردان.ويقول القيادي ان البغدادي كان متشددا سلفيا ولم يكن لينسجم مع فكر الجماعة المعتدل، وحتى القيادي حردان الذي كان مع الإخوان ترك التنظيم بسبب رفضنا ذهابه لأفغانستان.ويكشف القيادي مزيدا من المعلومات التي لم تكشف من قبل عن مسيرة البغدادي ويقول انه جاء للفلوجة لدراسة العلوم الشرعية في التسعينيات، وانه درس النحو والفقه والقراءات القرآنية على يد علماء الفلوجة.

ويوضح "كثير من العلماء الذين درس البغدادي على يدهم في الفلوجة هم صوفيون، خصوصا في العلوم التي لا تتعلق بالمنهج السلفي، وهذا لا يعني ان البغدادي صوفي اذا درس على يد صوفيين".

ويقول القيادي الإخواني ان البغدادي درس علوم الفقه على يد عالم صوفي من الفلوجة هو حمزة العيساوي.ويظهر البحث الذي قمنا به على مدى اشهر ان البغدادي كان معروفا في اوساط الإسلاميين السنة من الإخوان والسلفيين، ولم يكن شخصية مجهولة كما روج البعض، بل أن عمه هو اسماعيل البدري عضو هيئة علماء المسلمين في العراق، ولكنه يكفره كما يكفر الهيئة وعلماءها جميعا، ومن صلات القرابة الأخرى للبغدادي ان شقيقة زوجته متزوجة من قيادي في الحزب الإسلامي العراقي وهو تنظيم الإخوان المسلمين العراقي، وقد اعتقل الرجل اكثر من مرة من قبل الأمريكان بسبب صلة النسب هذه.وتتعمد بعض الفصائل السنية في العراق وسوريا الانتقاص من البغدادي بسبب روح الخصومة الدموية التي تسيطر على علاقتهم بتنظيم الدولة الذي اراد فرض سلطته على باقي الفصائل السنية بالقوة والبطش الوحشي، فلم يكن البغداي مجرد لاعب كرة قدم ماهر يطلق عليه ميسي في حي الطوبجي حيث كان يقيم هناك في مسجد، لكنه وحسب المعلومات التي تكشفت ايضا من رفاق البغدادي كان قياديا تدرج في مهام الإدارة بعد انضمامه للتنظيم، فتولى منصب المسؤول الشرعي لـ "القاعدة" في قضاء الكرمة شرق الفلوجة، ثم المسؤول الشرعي لمحافظة صلاح الدين، ثم الشرعي العام لتنظيم "القاعدة في العراق"، وفي تلك الفترة اعتمد عليه ابو عمر البغدادي وابو حمزة المهاجر المصري بسبب عدم معرفة شخصيته للأجهزة الأمنية والقوات الأمريكية، وبعد مقتل ابو عمر والمهاجر تولى ابو بكر البغدادي قيادة التنظيم عام 2010.

ورغم ان معظم الشخصيات السنية الإسلامية تؤكد انتماء البغدادي للإخوان سابقا إلا انها تشير ايضا الى العلاقة المتوترة فيما بينهم بسبب ميوله السلفية، واليوم فإن الإخوان المسلمين في العراق هم العدو الأول لتنظيم البغدادي وسقط بين الطرفين آلاف القتلى في المواجهات المسلحة الأهلية بين الفصائل السنية عام 2007.ومن غير الموضوعي النظر لهذه العلاقة بين الإخوان والجهاديين بقالب الحالة المتحالفة بناء على اصولهم الفكرية، كما تفعل الأنظمة العربية المعادية للإخوان (الذين فازوا في كل الانتخابات الديمقراطية التي جرت لأول مرة في الوطن العربي)، كما يشترك بهذه النظرة التيارات المعادية للإسلام السياسي الذي يمثل نصف المجتمع السني على الأقل، واختزالهم بكتلة متطرفة واحدة، واصحاب هذه النظرة يتناسون دوما حجم العداء الدموي بين "القاعدة" والفصائل السلفية في سوريا والعراق قبل العداء مع الإخوان، 

، كما انهم ربما لا يعرفون ان تنظيم الإخوان المسلمين في العراق ( الحزب الإسلامي) كان القوة الدافعة الأساسية لتشكيل الصحوات وتسليح الفصائل السنية التي قاتلت القاعدة واضعفت وجودها بحلول عام 2007 في العراق.ولعل التطورات التي طرأت على انتماء البغدادي من الإخوان للسلفية المعتدلة ثم الى يمين القاعدة بالجهادية المتطرفة، هذه المراحل لعلها تختصر تحولات طرأت على المجتمع السني في العراق وسوريا الذي بات اكثر استعدادا للتطرف كردة فعل على التطرف المقابل، وهذا ادى لانحسار التيار الإسلامي المعتدل الممثل بالإخوان لصالح تيار جهادي اكثر راديكالية وعداء للآخر. وهي تحولات تبدو مرتبطة باستعار حدة الصراع الطائفي.فسقوط بغداد كان بالنسبة للبغدادي كسقوط حماة بالنسبة لأبو مصعب السوري الذي تحول هو الآخر من الإخوان المسلمين في سوريا الى "القاعدة" في أفغانستان ليصبح من كبار منظريها،

ولعل المفارقة ان زميل ابو مصعب السوري في قيادة الإخوان المفكر الإسلامي سعيد حوى كان بكتبه ومؤلفاته ملهما للقيادي محمد حردان الذي كان من قيادات الإخوان كما قلنا في العراق ثم انشق لميوله السلفية الجهادية، وحردان هو من أتى بالبغدادي للفلوجة ليدرس العلوم الشرعية كما اسلفنا.وفي المجتمع السني في سوريا يمكن لنا ملاحظة التحولات نفسها اذا نظرنا لتاريخ عائلات قادة فصائل السلفية الجهادية كأحرار الشام وصقور الشام ، فمعظمهم شباب بأعمار الثلاثينات وينتمون لعائلات إخوانية، فأبو طلحة القائد العسكري لأحرار الشام والذي قتل قبل اسابيع مع رفاقه كان والده من كوادر الإخوان في الثمانينيات وسجن في تدمر، وقائد الجبهة الإسلامية قائد فصيل صقور الشام أبو عيسى الشيخ كان والده أيضا من كوادر الإخوان المسلمين الذين اعتقلوا في إحداث حماة وتوفي والده تحت التعذيب في سجن تدمر أيضا، فماذا لا نتوقع أن يكون ابنه أكثر تشددا ويتخذ السلفية الجهادية كمنهج يمنح صاحبها قدرا اكبر من العداء والتحشيد والتحريض ضد الأخر ؟! على عكس فكر الإخوان الأقل عدائية ، فانتهاج الإخوان المسلمين عموما للسلمية في عملهم السياسي اضعف من دورهم في الساحة السنية في مرحلة عنف واقتتال مذهبي لعب فيها التيار السلفي الجهادي الدور الأكبر في تشكيل الفصائل المسلحة للسنة في عراق ما بعد صدام وسوريا ما بعد الثورة، فالسلفية الجهادية تملك مشروع حرب أكثر مما تملك مشروع حكم على عكس الإخوان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك