يحكى أن طبيباً فحص رجل في المستشفى مصاب بحروق طفيفة جاء به عدد من الرجال من أقاربه وأصدقائه وأثناء المعاينة انتبه الطبيب إلى أن الرجل أيضاً مصاب بكسور ورضوض شديدة فسأل احد مرافقيه عما حدث فأجابه بأن الرجل قد شبت فيه النار أثناء العمل ولما سأله الطبيب عن سبب الكسور والرضوض أجاب لأننا أطفأنها بضربه بالعصي . أن معالجة الكثير من المسائل الاقتصادية والسياسية والتربوية والثقافية في العراق أقرب ما تكون لهذا المثال.
أن المنطق يقتضي أنه عندما تكون مشكلة يكون التصرف منطقي ، هو التعقل والتفكير بحلول مناسبة ، تكون عملية قابلة للتطبيق ولا ينجم عنها أثار سيئة لأي طرف أولا ، وثانياً تضمن عدم تكرار المشكلة نفسها مرة أخرى .
أن الحلول العشوائية للمشكلات التربوية في العراق يؤدي بدوره إلى بروز مشكلات جديدة تفوق في حدتها المشكلة الأولى ، وكل ما يسمى حلولاً هي في الواقع مجرد مسكنات لإيقاف الآلام مؤقتا ولكنها تسبب الإدمان عليها . فأن امتحانات الدور الثالث وضعت حلا للمشكلة مؤقتة ولكنها أصبحت واقع حال يطالب بها السياسي أولاً عسى أن يكسب بعض الجماهير ، ويطالب بها ولي أمر الطالب وكذلك الطالب ولكنها مخالفة للأنظمة والقوانين التربوية .فلطالما عالجت وزارة التربية مشكلة تربوية دون تفكير بجذور هذه المشكلة والسعي لإيجاد حلول جذرية لها عبر سن تعليمات مناسبة التي تؤدي إلى حصر المشكلة ومن ثم القضاء عليها تدريجياً .فأن الوزارة لم تستطع القضاء عليها وغاية ما تفعله هو نقلها من السطح إلى العمق ، بحيث تصبح ظاهرة خفية لا يراها الناظر ولكنها تنخر العملية التربوية في العراق من العمق .
إننا نعتب على وزارة التربية عدم قراءتها للواقع التربوي بالشكل الصحيح وإنها لا تسعى أن ترتقي به إلى مصافي الدول المتقدمة وحتى إلى البلدان المجاورة للعراق . هل بسبب قلة الأموال المخصصة للتربية ، أم قلة الكوادر التربوية ، أم سوء التخطيط ، أم ضعف القيادات التي تتبوأ المناصب في التربية ؟. نعرف إن مشكلة عويصة حلت بمشكلة اكبر منها ، فمشكلة قلة الأبنية المدرسية عولجت بالدوام الثلاثي والرباعي أحيانا مما أثر على المستوى العلمي للتلاميذ . واليوم تريد وزارة التربية تعالج الوضع ألامني المتردي في بعض المناطق من العراق بتأجيل الدوام الرسمي إلى يوم 20 / 10 / 2014 وهذا التأخير في الدوام لم يحدث حتى في الوقت السابق عندما كان النظام البائد يخوض حروبه الطائشة التي لم تعرف متى تبدأ ومتى تنتهي .
أن قرار وزارة التربية بتأجيل الدوام الرسمي من 21 / 9 / 2014 إلى 20 / 10 / 2014 . قد ارتكبت خطيئة كبرى اتجاه الطلبة والتلاميذ والهيئات التدريسية والتعليمية بعدم مراعاتها لظروفهم ، وكان الأجدر بالوزارة إن تقدم الدوام لكي تعوض أيام العطل الكثيرة التي يعاني منها الدوام المدرسي مما يؤثر على عدم إكمال المناهج الدراسية ، وان أكملت فأنها على حساب المستوى العلمي للطلبة والتلاميذ .
أن أي تأخر في الدوام الرسمي للمدارس فأنه سيخلق مشاكل لم تحسب لها وزارة التربية مستقبلا ً ، ولم تستطع معالج الأمور بصورة عقلانية ، بل ستكون حلولها رقعيه على حساب الطالب الذي يسعى دائماً إلى شق طريق مستقبله ويتفاجىء بالعراقيل التي تضعها الوزارة أمامه .
فمهما كانت الظروف التي يمر العراق ، فأن على وزارة التربية أن تضع الحلول الواقعية التي تستطيع بها انتشال العملية التربوية من التدهور . فأن عليها أن يستمر الدوام الرسمي في المحافظات المستتبة فيها الأمن ويكون التأجيل في المناطق التي يكون الآمن ضعيف إلى حين .
لقد خيب وزير التربية الجديد أمال الشعب العراقي بهذا القرار ، بعد إن كانوا يحلموا بإصلاح العملية التربوية والارتقاء بها ، فقد بان التدهور منذ لحظة إصدار هذا القرار ، وأضاف إلى العملية التربوية عبء جديد إضافة إلى الأعباء التي تعاني منها . فأنه ينطبق عليه المثل القائل ( أجا يكحلها عماها ) .
https://telegram.me/buratha