يتعرض كثير من البلدان والأمم, بل اغلبها..إلى ظروف تجعلها تتأخر وتتراجع, وتفقد دورها ومكانتها الحضارية, أو الإقليمية.
بعض تلك الامم تستمر في الانحدار والتدهور, فتتلاشى وتتشرذم, وتصل حد الانقراض, فيما بعضها الأخر تنجح في أن تستعيد مكانتها, ولو بشكل أخر وبدور مختلف.
التقويم الموضوعي, لحالة الدول التي نهضت من جديد, يثبت بشكل لا يقبل الجدل, أن النهضة مرتبطة برغبة جمعية شعبية للتغيير, مستندة إلى تراث حقيقي أصيل للأمة, مع تطلع واضح ومحدد الأهداف للمستقبل, وهذه الرغبة الجمعية, تؤطرها نماذج مشرفة ومتميزة الصفات, تنجح في الأخذ بيد شعوبها, إلى حيث تستحق ويليق بها..هؤلاء هم رجال الدولة.
البحث حول إثبات أصالة الحضارات العراقية, ضرب من توضيح الواضحات..واثبات أن العراقيين جزء من حضارة, بل عدة حضارات أصيلة,هو أمر مسلم به..من الواقع أيضا أن العراق مر بعصور تدهور وانحدار, وفقد موقعه الذي يستحقه, وتراجع دوره تماما.
تصوَر أو تأمَل كثير من العراقيين, أن سقوط نظام البعث, سيتبعه نهوض سريع, وعودة لمكانة العراق إقليميا, ودوليا, وان الحياة ستكون وردية.. لكنهم صدموا ولازالوا.
جزء من المشكلة يتعلق بمن يدير الأمور, ومن كان يفترض أن يقودوا الدولة, لكن ما يؤسف له, أن هؤلاء كانوا في معظمهم رجالا لأحزابهم, و في أحسن الأحوال رجالا للحكومة, ولم تكن لهم بصمة واضحة أو تذكر, في بناء دولة مؤسسات, تنجح في أن تدفع الدولة العراقية, لان تضع قدمها على طريق النجاح.
ينسحب فشل رجال الحكومة والأحزاب, لفشل المواطن في اختيار الأصلح, رغم قصر عمر التجربة العراقية, وقلة خبرة المواطن بكيفية الاختيار الصحيح, والتجهيل المقصود للمواطن, بحقوقه وواجباته..إلا أن كل هذا لا يعفي المواطن من مسؤولياته..فهو العامل الأهم في تشكيل الحكومات..وهو الوحيد الذي سيتحمل النتائج.
عندما ننجح في إنتاج رجال دولة من الطراز الأول,رجال يكون الأمل نخاعا لعظامهم.. ستبنى المؤسسات, ويمكننا القول أننا, وضعنا قدمنا في بداية طريق بناء الدولة.
مخطئ من يظن أن الطريق سيكون معبدا بالورود, ومخطئ أكثر منه..من يظن أن الأمر مستحيل.
https://telegram.me/buratha