لا أعرف أن أجد حلاً لتلك المسألة التي شغلتني كثيراً بعد أن توج الدكتور حيدر ألعبادي رئيس لمجلس الوزراء العراقي . فأني لا أجد مخرجاً لتلك المسألة ، لان الأمور قد تذهب بالجانب الأخر من حلها ، إلا أذا انتبه الدكتور ألعبادي وأتخذ قراره الشجاع وأبعد المتطفلين والمتشبثين بالعشائرية المقيتة أو تحجيمها لأنها أوصلتنا إلى حالة الاشمئزاز منها ، لأنها تعتمد على المصالح النفعية الشخصية وبعيدة كل البعد عن المصالح العامة الوطنية .
لقد كان النظام البائد في السبعينات من القرن الماضي ، ابتعد عن الألقاب العشائرية وأصبح البلد يعتمد على الاستحقاق الوطني لجميع إفراده بدون تفضيل أحد على أحد إلا بالكفاءة والنزاهة بعيداً عن المسميات العشائرية . وبعد عام 1980 التجأ هدام إلى العشائرية لكي يكسب ودها وتأييدها في حروبه الطائشة ، فضح عليهم الأموال والهدايا والمكافأة وضمهم لخدمته وخدمة حزبه ، فكانوا يتسابقون بالتأييد والانضمام إلا من خشي ربه وخاف مآب ،وبالفعل كان عار على تلك الوجوه التي صفقت وهوست ورمت عقلاها في حضرة هدام ، ولكنهم بعد عام 2003 غسلوا (وجوههم ببولهم ) كما يقال وذهبت تلك الوجوه إلى حضرة المالكي وفعلت كما سابقاً ،فانهالت الكارثة على المالكي ، كما انهالت على هدام . وقد تفعل نفس فعلتها وأكثر في حضرة ألعبادي .
أن تقريب العشائر من عمل الحكومة وتنفيذ جميع مطالبها الشخصية النفعية لكارثة ستحل على الحكومة ، فأن على ألعبادي أن يحيد من تلك المسألة التي يعتاش عليها بعض أولئك الذين قالوا بالأمس أن هدام من عندنا ومن عشيرتنا ليكونوا في الصف الأول من العشائر المستفيدين منه ، فتحققت منافعهم الشخصية على حساب المواطن العراقي البسيط . وبعد سقوط الطاغية تبرءوا منه ، وركبوا موجة الأحزاب والتيارات الإسلامية عسى إن يجدوا ضالتهم في الحكم ، وظهر منهم أحد ليقود مجلس محافظة ، فهتفوا ( أجا الريس أجا ) . فالريس لم يبلي مطالبهم الكثيرة النفعية فهتفوا ( يا ريت ما أجا ) .
أن ترسيخ كرسي الحكم باعتماد على العشائرية أسلوب ساذج اعتمده البعض من اجل التشبث بالكرسي وفشلوا فحملوا السلاح لقطع الطرق مهددين أمن الدولة ، وان الاعتماد عليه مستقبلا ًكذلك يؤدي إلى الفشل .
أن ترسيخ روح الوطنية من قبل المسئول لهي مسؤولية شرعية وأخلاقية وقانونية والابتعاد عن العشائرية التي قادت وسوف تقود بلدنا إلى عدم التطور والنهوض به وامتعاض الشعب منها ، فهي طلابه ( مشكلة ) لا يستطيع أحد منا أن يفك نفسه منها إلا الراسخون بروح الوطنية .
رغم التصويت على حكومة ألعبادي ، فان جماعة الولاية الثالثة غير متفائلة للمستقبل العراقي ، لكون زعيمهم أصبح خارج نفوذ السلطة وعين في جمعية المحاربين القدماء ( نائب رئيس الجمهورية ) . وهذه طلابه ( مشكلة ) ثانية أضيفت إلى المشكلة الأولى ، كان الزعيم .. وفعل المختار .. وصار إيه الغيرة الشيطانية .. ويستمر المنوال على هذه الحال إلى 2018 .. ونقول ( شفكج ... يا طلابه ) .
لقد خرج العراق من محنته بتشكيل حكومة جديدة وسيكون دولة رائدة ومتسامحة ومنفتحة ، بعيدة عن المركزية القوية التي تحيط بها جماعة متزمتة جهلة ، فأن الضوء قد بان في نهاية النفق المظلم ، نفق العراق الطويل . فكان الغضب الشعبي على حكومة المالكي قد أزداد ، غضب على الفساد ، والفوضى ، والتقصير في تقديم الخدمات ، والقتل ، والتشريد ، وضياع المدن . فأن الحكومة الجديدة أن شاء الله ستأخذ بنظر الاعتبار كل هذه المسائل وتضعها نصب أعينها وفق برنامج لانتشال العراق من الضياع والدمار .
https://telegram.me/buratha