أحداث سريعة مرت على العراق, رغم طابع التأني والحذر, في اختيار خليفة لنوري المالكي, في رئاسة الوزراء, وهذه الخطوة جاءت مناسبة, كي تنتشل البلد من الضياع والتقسيم, وإعادته الى جادة الصواب, ولمِّ الشمل, ليكون عراقنا موحداً خالياً من القتلة, والمنافقين المنادين بالطائفية.
أغلب القادة الذين تعاقبوا, على حكم العراق, بلا تاريخ, لأنهم لم يقرؤه جيداً, أو يفهموا جغرافيته, ووطنيته, ومواطنته, لذا تجدهم فاشلين في قيادة البلد.
كل الكائنات على الأرض لها طريقتها, في التفاعل والتعايش, مع البيئة المحيطة بها؛ ويتغير سلوكها حسب الظروف الطبيعة, وكل من لا يستطيع التكيف, يعتبر في عداد الهالكين, وهذه الحالة تتطابق تطابقاً تاماً مع السياسة, لكونها حالة غير مستقرة, ومناخها متغير, لأننا في زمن تدور فيه الأحداث دوران الفلك, ويحمل في طياته, وبين دقائقه آلاف القضايا والخفايا.
ما يجري في العراق دليل واضح, على أن السياسة متذبذبة ومتقلبة فيه, فالخلافات السياسية, هي مناكفات ومهاترات شخصية, قاسمها المشترك المصالح والوعود الزائفة, للوصول الى الغاية المرجوة؛ على حساب وحدة الوطن والمواطن المظلوم, لأن القتل, والترويع, والتهجير, والسبي, باتت عناوين متصدرة للمشهد السياسي, وخطاباتهم الرنانة, ودعواتهم الكاذبة, وممارساتهم للهواية المفضلة (التهديد والوعيد), ليست أكثر من وجه آخر, للسياسة في بلد العجائب.
لقد تغير المناخ السياسي, على بعض الكتل والأحزاب, وأصبح قاسياً جداً, بعد ان مر عليهم ربيعاً, لمدة ثماني سنوات متتالية, حينما كانت ذات سطوة ونفوذ, مما جعلها تفاجئ من هذا التغيير, لاسيما التصرفات الهستيرية, التي بدت واضحة داخل المحيط السياسي, فأصبحت هذه الكتل منبوذةً من جميع الشركاء, وتقف على هاوية الانهيار, ومحصلتها الهلاك.
خسارة دولة القانون ليست بعدد المقاعد, وجميع الأحزاب والكتل متفقة على هذا الأمر, وإنما بنفاذ رصيدها الشعبي والإقليمي؛ بسبب تخبطات الحكومة, ما جعل المرجعية الرشيدة تتدخل, لهذا خسرت الحرب يا سيادة الرئيس, فرئاسة الوزراء, وحكم البلاد والعباد بين يديك, لدورتين سابقتين, أثبت فشله, ولا يوجد ما يشفع لك.
تقبل الخسارة نصف الدواء, والنصف الثاني الاعتراف بالخطأ, وهي فضيلة تحسب للشجعان.
إذا كانت المصائب لا تواجه إلا بالصبر, لتخفف الرزايا, فنحن والصبر لا نفترق أبداً, لكونه مفتاحاً للأجر, وطريقاً للفرج, وكشعب مظلوم أصبح من الطبيعي له, أن يرى حكامه مصابين بجنون العظمة, وعشقهم الغريب للدكتاتورية.
(فالعظماء ولدوا ليقودوا شعوباً عظيمة)
https://telegram.me/buratha