من على شاشة القناة اللاعراقية نط علينا في منتصف الليل بوجه رسمت عليه علامات الهزيمة النكراء ، وبصوت علا عليه إفلاسه السياسي ، بوعود وتهديد ووعيد ، خطاب افقد عنده حالة التوازن ، بعربدة ديكتاتورية ، ذبح وسلخ ، لمن لا يعبده ، وكأنه فرعون ، يقول أنا ربكم الأعلى فأطيعوني ، فان لم تطيعوني ، فقوات النخبة جاهزة ، وميلشيات غير المنضبطة سوف تملآ الشوارع .. لتزرع الخوف .. وتعتقل المناوئين ، وتقتل من تقتل ، لكل من لا يطيع فرعون ، فأصبحت الأجواء تحت رحمة السلاح ، ومعصوم مطوق من جميع الأركان ، لأنه متهم بخيانة الدستور ، فالمحكمة جاهزة والقرار حاضر ، بأني أنا ربكم الأعلى ، فتعالت الأصوات عليك بالرحيل ، فانهارت الأعصاب ، وصرخ وصاح بأني الكتلة الأكبر ، وما عليكم إلا الانصياع ، ولكنه بدأ بالانهيار ، وسوف يعلن الانسحاب .
لقد تعود الشعب العراقي على مر السنوات التي فاتت على هكذا خطابات والتي تخاطبه مرت بأنه الشعب العراقي العظيم ويخاطبه أخر بأنه الشعب العراقي العزيز وكلا الوصفين تبدأ بحرف العين ونحن نصف تلك القادة مثل ما وصفوا الشعب العراقي بحرف العين إنهم قادة العلة على هذا الشعب .. لقد ابتلى الشعب العراقي بمثل هؤلاء القادة الذين لا ينظرون إلى مصالح الشعب العراقي بقدر ما ينظرون إلى مصالحهم ومنافعهم الشخصية والحزبية .
لقد مرت على الشعب أزمات في نهاية عام 2002 وبداية 2003 ،فكانت احتمالات التدخل الخارجي وارد في العراق ، فمورست على الشعب ضغوط كبيرة منها التظاهرات اليومية في جميع المحافظات بدون رغبة الشعب والاعتصام في القصور الرئاسية ، عسى أن يتراجع القرار الدولي عن التدخل في العراق ، ولكن القرار قد اتخذ ، فأخذ القائد هدام بممارسة عادة الخطابات النهارية والليلية ، وأصيب بهستريا الخطابات ، ولكنها لم تنفعه شيئاً ، فكان ما كان .
واليوم يعيد المالكي نفس السيناريو القديم لديكتاتور العصر هدام عسى أن يؤثر على قرار تكليف ألعبادي بتشكيل الحكومة الجديدة ، فبدأ في ممارسة التظاهرات المدفوعة الأجر بحجة انه ولاء مواليه يطالبون ببقائه ، وازداد من الخطابات والتصريحات النارية في الليل والنهار ، وفي العصر والمغرب ، وبعد الإفطار وعند موعد شرب الشاي ، فقد التركيز وزاد نسبة السكري ، وأرتفع الضغط ، وجن الجنون ، ولكن المحصلة النهائية هي الرحيل .
أليس الأجدر به أن يكون خطابه معتدل ينم على المحافظة على وحدة العراق وعلى المكون الشيعي ، وعلى وحدة حزب الدعوة الذي ينتمي إليه ، وانه الأمين العام للحزب ، أليس الأجدر به ان يسمع توجيهات المرجعية الدينية ويلتزم بها للمحافظة على العراق من الدمار والضياع ، أليس الأجدر به أن يسمع توجيهات رفاقه في الحزب والدولة والانصياع إلى أمر الواقع بدون إن يحدث حالة من التشنج والانفعالات في الشارع العراقي ، أليس الأجدر أن يخرج بخطاب يعلن به انسحابه ويبارك إلى زميله ورفيق دربه بتكليفه بتشكيل الوزارة ليكون عوناً ومساعداً له ، أم أن مرض الكرسي قد سرى في جسمه وبدأ ينهش أفكاره لتصبح جميع أفكاره كيف يبقى بهذا الكرسي المعلون .
إن المركب قد سار إلى الإمام فلا رجعت إلى الوراء مهما كان نوع الخطابات . فمن يريد أن يركب بهذا المركب عليه أن يمد يده إلى رفاقه في المركب ويتحمل المسؤولية ، وليس الركب في هذا المركب هو الحصول على بعض الوزارات والمناصب ، ان العراق يمر بمنعطف كبير يجب أن يساهم الجميع من اجل أنقاض العراق من هذا المنعطف . فان غرق المركب فالجميع سوف يغرقون ، فالخطابات الهادئة نستطيع بان نوصل بالعراق إلى بر الأمان ونبعد عنه الخطر ، وبالشكر تدوم النعم .
https://telegram.me/buratha