المقالات

شُرطي فِكِرْ

1300 20:27:40 2014-08-09

فكما انّ في اي مجتمع شرطي مرور، مثلا، كذلك هناك شُرطي من نوع خاص مهمته الرقابة على الفكر والرأي، فيكفّر هذا ويقتل ذاك ويقيم الحد على ثالث ويتهم رابع ويُسقّط خامس، وهكذا، وهو اخطر انواع الشرطة في المجتمع لانهم يلاحقون الناس على أفكارهم وآرائهم، فيما نعرف جميعا بان المجتمع، أي مجتمع، يموت اذا قُمع فيه الفكر الحر وبُنيت حول عقول الناس أسيجة من الارهاب وأسلاك شائكة من الترهيب والترغيب.
فما هي العلل التي تدفع ببعض الناس الى ان يعيّنوا انفسهم شرطة فِكِر في المجتمع؟ ولماذا؟.
/ العصبية، التي تدفع صاحبها الى احتكار الحقيقة والتي تدفعه بدورها الى الغاء الاخر لأبسط اختلاف في الرأي.
/ سوء الفهم، والذي سببه انه يصغي لكل من هب ودب الا من صاحب العلاقة، فاذا به يبني تصورات خاطئة عنه لم ينزل الله بها من سلطان.
/ الغلو، سواء في الدين او في العقيدة السياسية او في الانتماء الحزبي او في الولاء للقائد الضرورة او في اي شيء اخر، فالغلو كمفهوم مذموم لانه يُنتج العصبية السلبية.
/ الجمود الفكري الذي يُنتج أمّعات تؤمن بلا تفكير وتقبل بلا نقاش وتتّبع بلا فهم وتُقاد بلا وعي، ولذلك ترى ان اغلب شرطة الفكر في المجتمع هم من الأميين والجهلة وعديمي الثقافة، من الذين يسهل قيادهم كالخراف في ساحات الصراع الفكري والسياسي.
/ عبادة الشخصية التي تلغي حرية التفكير ما يُنتج، كذلك، أمّعات تتبع بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، الامر الذي ينتج شرطة فكر، تستنفر قواها السبعية بمجرد ان يوجه احدٌ سؤالا او نقدا للقائد الضرورة، او يخالفه في راي.
/ التشويه المتعمّد وخلط الامور وتحميل الرأي الاخر ما لا يطيق، فذلك كله ينتج شرطة فكر تقف على اهبة الاستعداد لقصف الرأي الاخر بالتهمة والتشكيك واغتيال الشخصية.
/ قدسية الرأي عند اتباع كل قائد ضرورة، فتراهم لا يُطيقون سماع النقاش والخلاف في الرأي حتى اذا كان بسيطا، فالرأي محترم ولكنه ليس مقدسا، محترم يعني قابل للنقاش ويحتمل الخلاف، اما اذا قلنا بانه مقدس فذلك يعني القبول به على كل حال، وهنا مكمن الخطا القاتل.
طبعا، لا احد من شرطة الفكر يعترف بكل هذا، ولذلك تراه يغلّف مهمته بعبارات ويافطات مقدّسة عند عامة الناس، منها مثلا:
الف: ضم شمل الجماعة ومواجهة الفرقة والتمزق، باء: القضاء على البدع والضلالات والحيلولة دون فساد العقيدة، جيم: خطورة الظرف وحساسية المرحلة التي لا تحتمل رأيا الا راي القائد الضرورة، وغيرها من الحجج والأعذار المغلفة بإطار الناصحين المشفقين، كما قال فرعون {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}.
اما أدوات شُرطة الرأي، فكثيرة تقف على رأسها:
اولا: علماء السوء ووعاظ السلاطين وفقهاء البلاط، ثانيا: السلطان الجائر الذي يفتك بالخصم لأبسط اختلاف في الرأي، خاصة اذا كان على شفا نار الانهيار، ثالثا: الاعلام الطائفي والعنصري والحزبي والسلطوي الذي يجتهد لتضليل الرأي العام من خلال تسويق القائد الضرورة وتسفيه آراء المعارضين السياسيين ليسهل على السلطة تصفيتهم بعد عزلهم دينياً ووطنيا عن المجتمع من خلال كم هائل من التحشيد المضّلل والتقوّل الباطل.
اما الحل، فبرأيي يمكن إنجازه بما يلي:
/ إطلاق الحرية للعقل ليفكر بشكل سليم، فلا يقبل او يرفض، يعارض او يؤيد، بلا تفكير.
/ الاعتراف بالآخر واحترام الرأي والرأي الاخر بلا تعصب او استخفاف او استهزاء.
/ الحوار، فهو الطريق الأمثل للتعارف الذي يُنتج الفهم المشترك والذي يحقق بدوره التعايش بين مختلف مكونات المجتمع مهما تعدّدت.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك