المقالات

أعداء الديمقراطية

1114 01:19:27 2014-08-08

هيؤا النفوس.. أعيدوا تأهيلها.. كي تورق الديمقراطية.. وتقطفوا ثمارها.. فللأشواك صحراؤها.. وللكروم بساتينها.. وللرياحين.. رياضها إعتاد الناس، عبر مراحل التاريخ، ومنذ فجر النبوءات على التصدي والوقوف بوجه كل ما من شأنه تغيير ما تطبّعوا به، وأعتادوا عليه، وما رسخ في أذهانهم ومارسوه كسلوك يومي.
وسواء كانت تلك الممارسات خاطئة وباطلة بشكل سافر او بليدة متخلفة مبطنة او متسترة من قبيل العبادات الوثنية او الخرافات الإعتقادية، فهم يتمسكون بها كالأقداس التي لا تقبل النقاش ولا تخضع لمقاييس. من هنا ثارت ثائرتهم بوجه الأنبياء والمصلحين. سخروا منهم حاربوهم، رموهم بالجنون وبالسحر، ثم صلبوا بعضهم، وذبحوا آخرين، وسممّوا وشردوا من تبقى.
وبإستثناء قلة مستضعفة آمنت ودفعت ثمن أيمانها، فقد أصرت الكثرة، ممن تجذّر فيهم الجهل او أخذتهم العزة بالإثم، او ممن خافوا على مراكزهم ومناصبهم، على الإستمرار في غيهم وطغيانهم.
وبمرور الأزمان، وإزدهار الحضارات ظل حال الناس كما هو عليه: يتصدون للأفكار الجديدة ويحاربون النظريات المتطورة ويكّفرون واصفيها، حتى اذا أخذت موقعها، وفرضت وجودها وترجمت أقوالها مخترعات ومنافع أقبلوا عليها نادمين وترحّموا على رّوادها "الكافرين" وربما أقاموا لهم التأبين والتماثيل.
والناس هم الناس، في كل زمان وأوان.
والمجتمع العربي عامة، والعراقي خاصة، تعاقبت عليه السلطات الشمولية، وتعرض لأعتى الممارسات القمعية والإضطهاد تحت سياطها الشوفينية، والعنصرية، والطائفية قرابة اربعة عشر قرناً ,وحتى لا نذهب بعيداً، فلنبدأ من ظهور فجر الإسلام وقيام الدولة العربية الإسلامية، فبعد الخلافة الراشدة التي عاشت ثلاثين عاماً فقط، بدأت الخلافة الوراثية على أيدي الأمويين واستمرت طيلة ثمانين عاماً.
أعقبتها الخلافة العباسية على نفس النهج قرابة ثمانمائة عاماً.. وتخللتها الهجمة المغولية الهمجية والأدوار المظلمة حتى تربعت الدولة العثمانية عدة قرون، تلتها سلطات الإحتلال البريطاني وتأسيس الملكيات الوراثية الحديثة، ثم سلطات الإنقلابات ورؤساء مدى الحياة.
رئيس واحد، وحزب واحد، لأمة واحدة.. قومية واحدة.. وجريدة وإذاعة.. و.. واحدة!.
اما الصلاحيات: فواسعة، مفتوحة، ومتعددة.
(ومن أحصاها دخل الجنة) حسب رأي "القائد الضرورة" حين قال:
(العراقيين، مايطبون النار، العراقيين كلهم يفوتون للجنة)!.
وأظنه صادقاً في هذه المرة فصبرهم على مصائبهم، وهو أكبرها، سيدخلهم الفردوس والنعيم ان شاء الله.
وعودٌ على بدء فإن وضعاً بهذا الحجم، وكارثة بهذا الإمتداد والعمق، حالة لها هذا التجذر والعمر ليس من اليسير إجتثاثها بفترة قصيرة، وآليات بسيطة، وإحلال أساليب حديثة في الحكم وممارسات ديمقراطية محلها، والناس أعداء ما جهلوا!.
ولذا أكدنا، ونؤكد، يشاطرنا كل العراقيين الشرفاء الرأي، على ضرورة أن يهب المفكرون والمثقفون، قادة المجتمع وعلماؤه، وكل من موقعه، لتنوير وتوعية الرأي العام وإعداده للحالة الجديدة، وأن يعوا دورهم في هذه المرحلة المفصلية الخطرة من تاريخ عراقنا الحديث وأن يحلّوا محل الصلحاء والأولياء الذين ذبحوا من اجل آرائهم الجريئة.
فإن ما نراه من ردود افعال البسطاء من الناس، وإستغرابهم من وجود هذا العدد الكبير - في نظرهم - من الأحزاب والحركات والصحف، وترددهم وحيرتهم بتقبل العملية الإنتخابية لهو دليل واضح على إعتيادهم على وجود حاكم مطلق، بسبب ما رسخته الأنظمة الجائرة في الأذهان وبأساليبها المرعبة وطيلة هذه العهود! لذا نحن بحاجة ماسة الى إعادة تأهيل، وتهيئة الساحة، ونحن بحاجة لجهود مضنية، وعمل مكثف، بتسخير كل الطاقات لغسل أدران الماضي ورواسبه، وإحلال وبناء قواعد الحكم الديمقراطي، وإشاعة مباديء الأخاء والتقريب والتسامح وقبول الآخر ،ونبذ الكراهية، وبث روح التفاني ونكران الذات إنطلاقاً من مبادئنا السمحاء، وعقائدنا الموحدة وعراقيتنا الأصيلة.
وهذا لا يتأتى الا بالعمل الدؤوب وكل من موقعه، ونحن نعتقد جازمين إن الله تعالى لن يسامح أو يعذر من حاول ويحاول تخريب او إعاقة سير هذه العملية الوطنية والتجربة الرائدة، بل حتى الذي وقف متفرجاً كائناً من كان مركزه ووضعه، ومهما كان عذره او تبريره. وإن لعنات التاريخ الإنساني، والعراقي خاصة ستلاحقهم جميعاً ما دامت الأرض تدور، ومادام للإنسانية ضمير وما خلد لله وجود، لأنهم لم يجرموا بحق أنفسهم او جيلهم فحسب، بل أُجرموا وأساءوا وفرطوا بحق أجيال لاتزال في أصلاب الرجال، وأرحام الأمهات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك