قد أجد جواباً خلافاً للقيم والأخلاق المتعارف عليها والتي تربينا عليها وأخذنا دروسها في المدارس والدواوين . فكانت الأناشيد المدرسية الحماسية تشدنا نحو حب الوطن والتضحية في سبيله وليس أن تشدنا نحن كرسي السلطة العقيم والذي يطلق عليه ككرسي الحلاق فهما طال البقاء عليه فأن النزول منه وارد شئت أم لم تشاء ، ولكن من المستحيل إن تتنازل عن وطن ، وكما غنى المطرب سعدون جابر( اللي يدور وطن وين الوطن يلكاه ) .
هل تغيرت القيم الأخلاقية والتربوية والوطنية عند البشر ؟!! أم أن نوازع حب السلطة تعالت عند البشر فوق نوازع حب الوطن ؟ بالتأكيد البشر اليوم يسعى إلى ترسيخ سلطته على غيره لتحقيق مأربه ومصالحه ومنافعه مهما كان نوع القبول والرفض لدى الآخرين .فقد كنت أنشد قصيدة تعلمتها وأنا تلميذ في المدرسة الابتدائية ليس كل من ينادي بالوطنية وطنياً .. لأجدها اليوم مطبقة في عالم السياسة العراقية من قبل بعض السياسيين الذين فقدوا روح الوطنية إمام مغريات السلطة وقادوا البلاد إلى حالة من الدمار والخراب والقتل والتشريد والضياع واللجوء والتقسيم وما زالوا متمسكين بالسلطة ومتناسين ضياع الوطن إذا ما تشبثوا في السلطة ضاربين عرض الحائط جميع المناشدات من أجل أن يُنظر إلى الوطن وليس إلى الكرسي وأخرها مناشدة المرجعية الدينية بأن لا يتشبث بالسلطة ونكران الذات . ولكن قد عمتهم السلطة ليرقصوا على جراح هذا الوطن الممزق والمحتل من قبل الغرباء الخفافيش .
أنه عجب العجاب أن نرى إنسان بالأمس القريب كان ينادي يا وطني واليوم يتشبث وينادي يا كرسيي . فأن هذا التشبث قد يقود إلى ضياع الوطن الذي كان يجاهد من أجله ليخلصه من ديكتاتورية مقيتة ، كان الوطن والشعب يئن منها على طوال أكثر من ثلاث عقود أدت إلى حرق الأخضر واليابس . وهل يطمح أن يفعل بهذا الوطن كما فعل من قبله ؟!!
نعم أن السلطة لها مغرياتها ولكن ليس على حساب الوطن . لان ضياع الوطن أو تقسيمه بسببه فالتاريخ سيكتب عليه تلك الحقبة السوداء من حياته السياسية التي تسببت بالضياع والتقسيم . لذا تعالت الأصوات والمناشدات التي تدعو إلى حفظ وحدة هذا الوطن وعدم ضياعه أو تقسمه ، ولكن لا توجد أذان صاغية اتجاه هذا الأمر الخطير ، فبدأ يلعب لعبأته التي تعلمها على مدى ألثمان سنوات التي خلت من حكمه في المراوغة والحيلة والتلاعب والكذب عسى أن يجد منفذ أن يتشبث بهذا الكرسي . ولكن للأسف الشديد أنه لا يفهم الأمور جيداً لان المرجعية قالت كلمتها النهائية ولا تراجع عن كلمتها ، لأنها تجد أمور هذا الوطن للتقسيم بوجوده وعليه الرحيل من الكرسي ليحل محله أخر قد يجد حلول لكثير من المشكلات العالقة وأهمها المحافظة على وحدة العراق أرضا وشعباً وإرجاع المشردين إلى ديارهم بعد أن ملئت بهم بقاع أرض هذا الوطن .
أن صاحب السلطة ملعون إذا ما ينظر إلى وطنه وشعبه ويعمل على نكران ذاته اتجاههما ، فالكرسي يزول مهما طال الزمن ، ولكن التاريخ لا يمكن أن يزول لأنه سيكتب تلك الحقبة السوداء التي مرت على الوطن وفي عهد مَن صاحب السلطة .فالنظر إلى الوطن خير من النظر إلى الكرسي . فالحليم تكفيه الإشارة . فكن حليماً وانظر إلى وطنك ، ولا تكن من الذين ضيعوا الأوطان . فالوطن فوق الجميع ، وفوق الكرسي الذي تتشبث به .
https://telegram.me/buratha