بالرغم من عدم إيماني بالليبرالية، بيد أنني في الوقت ذاته أحترم الليبرالي أحمد الجلبي. فما فتيء ذلك الرجل يدافع عن العراق وعن روح العملية السياسية؛ الديمقراطية، حاملاً روحه الطيبة مسكاً يعمذ القرابين المقدمة على أعتاب الوطن المنكوب.
بالأمس أذهلنا بشدة، مشهد ترشيح السيد أحمد الجلبي كمنافس للمرشح حيدر العبادي، الذي من المفترض أن يكون مرشح كتلة دولة القانون المتوافق عليه داخل التحالف الوطني، لكون النائب الجلبي عضواً في التحالف!
ترشيح النائب الجلبي أثار حفيظة نواب دولة القانون وحلفائهم، وربما حتى بعض السياسيين في إئتلاف المواطن الذي ينتمي اليه الجلبي! وذلك لخرقه العهود المبرمة مع أطراف التحالف الأخرى في كواليس تقسيم كعكة المناصب. لا يهمنا أمر هذه الكتلة أو تلك أو هذا الطرف السياسي أو ذاك! ما يهمنا كمواطنين نبحث عن الحقيقة فيما جرى تحت قبة البرلمان؛ هو أننا فوجئنا، بل صدمنا وصعقنا من هول الصدمة، فإن ما فعله الجلبي أعاد أذهاننا الى مشهد تحرير بغداد عام 2003 حيث استنشقنا عبق الحرية وشممنا أريج الديمقراطية، ومنذ ذلك اليوم بدأ العطر بالتلاشي شيئاً فشيءً حتى أنعدم! وبالأمس أعاده الينا الدكتور الجلبي في مشهد كاد يعصف بأغلال الديمقراطية، التي كبلها بها أبناء الديمقراطية أنفسهم!
مر على العراق عقد من الزمن والشعب يرزح تحت تأثير أفيون المحاصصة السياسية المقيتة، حتى فاجأنا ذلك الرجل بالترياق! بيد أنه في الوقت ذاته نكأ جراحاتنا، وأيقظ أتراحاً وآلاماً كنا نتغاضى عنها كرامةً لإسم الديمقراطية التي أضحت إطاراً بلا صورة، وجسداً بلا حياة!
ربما أراد الجلبي أن يقول للحاكم: ألا تخجل من نفسك؟! أنا لم أذق طعم حلاوتها وزهدت بها، وأنت الذي ولغت بها حد الثمالة، وأمسيت تعربد بالوطن كأنه بقية كأس في يد سكّير!
شكراً أحمد الجلبي فقد قرع ناقوسك سمع الضمائر، بيد أن الضمائر الميتة هي الغالبة على المشهد!
https://telegram.me/buratha