المقالات

لن يفلح الارهاب بزرع الريبة المتبادلة

822 01:47:44 2014-07-11

عمار طلال *

(1)
قبل 2003
إذا آلمت المرء ساقه؛ جراء تشنج أو شد عضلي، وهو يمشي في شارع ما، في اي من مدن العراق، خلال العقود الماضية.. قبل 2003، فإنه يقبل على أقرب محل، يحيي أصحابه ويستأذنهم بالإستراحة.. ريثما ينبسط التشنج، جالساً؛ بإعتبار موافقتهم حاصل تحصيل؛ إذ لم يسبق أن إعتذر أصحاب محل عن إستقبال إنسان في حالة طارئة.. إنما يبادرون الى تقديم قدح ماء له، ممرغين الشد بما يعرفون من أساليب التدليك، ريثما يصل الشاي الذي اوصوا به؛ ترحابا.
"أولئك أصحابي فجئني بمثلهم" 
بهذا الكرم المطمئن للآخرين.. بلا ريبة ولا إستهجان، ولا أحد يعد الإقدام عليه، تهديدا أو إقتحاما؛ إنما يشكره؛ لأنه إختار محله من دون سواه؛ لتشريفه بطلب المساعدة.. متمثلة بالاستراحة حتى يتعافى.
وعندما يغادر بكامل صحته يلاحقونه بالقسم:
- الله عليك محتاج فلوس؟

(2)
بعد 2003
عندما (أوجر) الارهاب بالعراقيين، ممررا شره بألف طريقة ولبوس؛ لم يعد أحد يقبل على محل كي يستريح فيه؛ لأنه يدري أن الحيطة من الغرباء والحذر ممن يدعي طلب المساعدة، واجبة بسبب تكرار حالات الخداع التي أودت بحياة الابرياء شهداء لتفجير مفخخة او حزام ناسف.

(3)
المطلق
ردة الفعل الحذرة، نسبية.. طارئة مؤقتا على العراق، إنما المطلق الثابت هو انهم أهل كرم يفرشون عيونهم للضيف، خاصة الغريب، مدخرين ما لذ وطاب للقادمين:
"هلي ما غدوا الغد بغداهم
ولا مطرودهم منهم غداهم
هلي بالجوخ وقادة غداهم
إهديبي للّفة بعد العشية".
أي جمل لمن جاء متأخرا؛ فماذا تعشى من حضر في الوقت المناسب؛ برغم "الهبل" الذي ينطوي عليه، ايقاد النار بالجوخ.. النوع النادر والغالي والمستورد، من الحرير؛ بسبب وفرة الحطب التقليدي، لكن هذه المبالغة موضع فخر، حتى وإن من يقدم عليها يعد مبطرا يغيظ الله بغضا، لكنها من نوع الـ "هبل" الذي يستحق ان نفخر به، مثلما يجب ان يفخر كل دليمي وعموم العراقيين بالنكتة المتداولة، والتي مفادها ان دليمي إحترق بيته، فأمسك برجال الاطفاء، قائلا:
- بالحرام ما تطفون إلا تتغدون.
هذه هي الصفات الاصيلة التي لن تتغير، مهما ناور بها المجتمع لإتقاء ظاهرة ما وتمرير وباء كالارهاب أو التشبث بالحياة، في ظل مجاعة العقوبات الدولية "الحصار" وسواه؛ لأن الطبع يغلب التطبيع.
لذا أجد ان بعض الحذر الذي يمارسه العراقيون الآن، لن يدوم، بمجرد ان تنتفي ظاهرة الارهاب، الى زوال إن شاء الله، ويعود من يلتوي كاحله، في شارع "الرشيد" الى الاستراحة في اي محل يصادفه.. لا على التعيين، وأصحاب المحل يجرون مساجا للـ (Ankle) الملتوية، يضمدونها، ويعرضون عليه التوجه معه الى طبيب على نفقتهم، وإن رفض يؤجرون له (تكسي) وعندما يصل الى البيت ويهم بدفع الأجرة، يفاجئه السائق بأن (الجماعة) دفعوا، من دون أن يشعروه؛ كي لا يمانع؛ كما لو أنه جزء من مسؤوليتهم، وبالفعل شهامة العراقيين؛ تجعلهم يتبنون قضايا بعضهم، كما لو أن الكل مسؤول من الكل.. بشهامة وليس تدينا يطبقون حديث الرسول.. عليه وآله الصلاة والسلام: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" وهو نوع من التقرب الى الله درجات؛ فالكرم شجاعة وخدمة الناس جهاد في سبيل ترصين بنية المجتمع.. يحبه الله والانبياء والتقاة جميعا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك