قيس المهندس
استقراء بسيط لمجموعة من الصور ومقاطع الفيديو، التي عرضتها القنوات الفضائية ونشرت في وكالات الأنباء والمواقع الإليكترونية، للمجاميع الإرهابية المسلحة في الموصل، وكذلك ما نقلته بعض القنوات الراعية للإرهاب، من تسجيلات لمتحدثين باسم ما يسمى (المجلس العسكري للثوار) سيما الناطق الإعلامي باسم ذلك المجلس، الضابط السابق في الجيش العراقي المنحل، والعضو في حزب البعث البائد، اللواء مزهر القيسي.
ذلك الإستقراء يعطينا صورة عن طبيعة تلك الجماعات الإرهابية، والتي يبدوا أن غالبية قياداتها، من القيادات العسكرية في الجيش العراقي السابق وحزب البعث المنحل، والأجهزة الأمنية الصدامية، وكذلك الحال فيما يخص أعضاء التنظيم.
بدءً من زعيم تنظيم داعش، المدعو أبو بكر البغدادي، وهو ضابط سابق في القوات الأمنية الصدامية، وعدداً من مساعديه، وجميعهم من الصداميين؛ أما ضباط جيش وإستخبارات، وأما أعضاء في حزب البعث، وقد كشف الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية عدنان الاسدي في وقت سابق، أسماء ستة من قيادات داعش أبرزهم زعيم التنظيم البغدادي، وجميعهم على تلك الشاكلة، بل ثمة أخبار مسربة عن مصادر مقربة من البغدادي، تتحدث عن عدم تنصيبه لأي قيادي من غير العراقيين! كما قد تشير ثقافة قطع الرؤوس التي يمتاز بها ذلك التنظيم الوحشي، الى فدائيي صدام، الذين اشتهروا آنذاك بمثل هذه الأفعال.
اللواء مزهر القيسي ظهر عدة مرات عبر القنوات الفضائية، وهو يتحدث عن تحركات ما يسميهم بالثوار، والتي جائت مطابقة في أحداثها لتحركات الإرهابيين في الموصل وصلاح الدين والأنبار، كذلك لوحظ رفع صور المجرم عزت الدوري في تكريت بجانب رايات داعش!
بعض المقاطع الفيديوية، والتي نقلت جانباً من إحتفالات مسلحي داعش في الموصل، وتفاعل بعض المواطنين معهم، وسير المركبات المدنية في الشوارع، لم يلحظ فيها تلك المشاهد المألوفة لدواعش سوريا، ذوي اللحى الطويلة والشعر المسدل، بل ظهر بعض منهم وهم يرتدون الزي العراقي.
تلك النتيجة تأخذ بنا الى تصورٍ، يحكي لنا عن أسباب فرار القيادات البعثية (عبود قمبر وعلي غيدان) وتسليمهم الموصل على طبق من ذهب الى داعش، وزهدهم في المناصب العليا في قمة هرم الجيش العراقي، فأولئك القيادات لم يَدعوا تلك المكتسبات عن فراغ، وكان بإمكانهم المكوث في مناطق آمنة، وإدارة المعارك عن طريق القيادات الميدانية.
لكن على ما يبدو أن قمبر وغيدان، أما أن يكونا قد عقدا صفقة مع رفاق الأمس، وبوساطات لمخابرات دول إقليمية، بضمانات بإيوائهم في تلك الدول، وتطمينات بعدم التعرض لهم. أو أنهم فكروا في الأمر ملياً، ووجدوا أن الحكومة العراقية لا طاقة لها بالمد (البعثوداعشي) وأن الفترة القادمة قد تشهد ذات السيناريو الذي شهدته عام 2010 بتأخر تشكيل الحكومة، وقد يتم تغيير المالكي، وربما سيكون مصيرهما خارج تشكليلة قيادة الجيش.
كلا السيناريوهين ممكن، ولعل السيناريو الأول أكثر رجحاناً من الثاني، وربما تكشف الأيام القادمة ضبابية الصورة وتتجلى حقيقة الأمر.
https://telegram.me/buratha