حميد الموسوي
بتصاعد وتيرة الإرهاب، وتنوع وتعدد أساليبه، واتساع رقعة دائرته، وهذا الارتفاع المهول في عديد ضحاياه والطريقة الوحشية التي ينفذ بها الساديون جرائمهم البشعة، يكون صبر العراقيين قد قارب على النفاد.
مع إن هذا الشعب المكافح لا يزال متماسكا ورابط الجأش ويمارس عمله اليومي بشكل طبيعي متحديا الإرهاب ووسائله الخسيسة والتي لجأت مؤخرا الى إشعال حرب أهلية بصبغة طائفية من خلال احتلال مدن معينة واعلان العصيان المدني فيها - وآخرها مدن الرمادي والفلوجة وسامراء - بعدما عجزت كل أعمال التخريب والابادة عن تحقيق الأهداف التي رسمتها نفايات السلطة المقبورة بتعاونهم مع التكفيريين والمتشردين.
إن الوقائع تؤكد أن الأعمال الإرهابية التي تجري على الساحة العراقية ليست طائفية بقدر ما تحمله من أغراض سياسية الغاية منها ايقاف التوجه الديمقراطي في بناء الدولة العراقية الجديدة. ومهما تجلببت باسمال طائفية، أو لبست لبوسا وهميا، وبكل ما تحمله من شعارات زائفة فقد تكشفت للقاصي والداني نواياها الشريرة ومن يقف وراءها. ولعل ما جرى في الأيام القليلة الماضية من اغتيالات لشخصيات رسمية ودينية، واستهداف تجمعات سكانية، وابادة أسر بكاملها، وتهجير لعوائل من مناطق سكناهم، وتفجير الجوامع والكنائس والحسينيات والأضرحة المقدسة، ومحاولة اسقاط مدينة سامراء واقتحام العتبة العسكرية المطهرة للامامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام . واقتحام جامعة الانبار ... يفسر الطبيعة الإجرامية لهذه النفايات البشعة، وينم عن إيغال شاذ برغبة القتل البربري والتخريب الهمجي التي نشأت وتربت عليها زمرة المنظمة السرية لحكومة البعث المقبورة ومؤسساتها الظلامية وأقبيتها الوحشية. فالمتتبع لما يجري في العراق من تصاعد مرعب في احصائيات الضحايا وبرنامج الإبادة الجماعية الممتدة منذ عشر سنوات يدرك هول الجريمة، جريمة الإبادة البشرية التي تجاوزت حدود الإبادة بالكوارث الطبيعية على الإطلاق، حيث تشير التقارير الطبية والاعلامية الى سقوط العشرات واحيانا المئات من الضحايا شهريا وبوتيرة متصاعدة. وهم أما عمال بناء أو متسوقين أو عمال صيانة وتنظيف أو غيرهم من الشرائح التي لا ترتبط بالحكومة، مضافا اليها أعداد من الشرطة والحرس الوطني.
كل العراقيين سمعوا واطلعوا على البرقية التي وجهها صدام الى كافة قيادات الحزب، والحرس الخاص، وفدائيي صدام والدوائر المرتبطة بهم يأمرهم بحرق، وتخريب، وتدمير كل ما تقع عليه أيديهم من شبكات الكهرباء، الماء، الصرف الصحي ، الوزارات، الدوائر، المحطات، عقد الاتصالات والجسور. وذلك عند دخول قوات التحالف الى العراق. وهذه البرقية ليست بالأمر الجديد، فقد كنا نسمع من المسؤولين المتذمرين من السلطة مثل هذه الأوامر قبل الحرب. وكثيرا ما ردد صدام مقولته "إن الذي يريد حكم العراق غيري سيستلم أرضا بدون شعب!"، وأمام هذا الانفلات الأمني، والخراب الشامل، والرعب المستمر، الذي تثيره العصابات المنظمة الموغلة والمتمرسة بالاجرام والمدعومة من جهات دولية مختلفة وخاصة بعد تحالفها مع مجاميع القاعدة الارهابية وعصابات داعش . أمام هذه المصائب الجسام يقف المواطن العراقي مذهولا متسائلا عن جريمة مكافحة الإرهاب؟!، مستهجنا هذه الفهاهة والتراخي في التعامل مع اخطر ملف يواجه المرحلة الجديدة ويطال البلد والعباد.
إن قوات الاحتلال تتحمل الوزر الأكبر، حيث قصرت كثيرا في حفظ الحدود، وترك البلاد نهبا لكل من هب ودب ورفعت يدها عن عصابات الاجرام والتطرف حتى استفحل أمرها، كما إن هذه القوات لم توفر المناخ المطلوب لعملية التغيير بما تضمه من تعقيدات سياسية، وفعاليات حساسة تمس حياة المواطن العراقي مباشرة مثل معالجة الخدمات العامة، وتوفير فرص العيش، لاحساسه بالتغيير الميداني ومقارنته بالفترة السابقة. والأهم من هذا وذلك إن قوات الاحتلال وقانون إدارة الدولة لم يؤسس ولحد الساعة سلطة قضائية حازمة بمستوى الحدث الهائل لعملية التغيير، وبقوة جادة تقف بوجه هذه الهجمة الإرهابية الشرسة. وبرغم الإجراءات التي قامت باتخاذها الحكومات التي تعاقبت على ادارة العراق خلال السنوات العشر الماضية ، ومعالجتها الأخطاء التي حصلت أيام الحاكم المدني "بريمر"، واعادة العمل بعقوبة الاعدام التي ألغاها الحاكم المذكور
https://telegram.me/buratha