المقالات

متسلقون

963 15:30:46 2014-06-06

حميد الموسوي

تسلل، تسول، تسلق، توسل، ...، تسـ..
مفردات تشخص وتسم وتسمي سلوكيات واطئة متدنية مذمومة، تزري بمقترفها ومحترفها، وتهين من يوصم بها وتحط من قدره ان بقي منه "وشالة" -وتسقطه في عيون الاخرين "ان وجد من رسمه شبح"- حتى وان حقق من خلالها اهدافه، وحصل على مبتغاه، ووصل الى مراميه، فهي اقرب ما تكون الى الشتيمة، بل هي السبّة والعار بعينه اذا الصقت بالشخص صدقا او افتراءً.

تبدأ.. بخطوة تتحول الى ممارسة وعادة.. ثم تستفحل فتصير ظاهرة عادية في نظر الكثيرين ممن يعدونها "لواتة وشطارة"... بعد سقوط اخر قطرة!. تشابهت حروفها، وتقاربت سبلها، وتنوعت ميادينها، لكن اهدافها توحدت بشكل كامل خاصة في مجال الوصولية السلطوية. ولعل مفردة "تسلط" جاءت شاملة لامة تامة لخلاصة مسيرة تلك المفردات، وعصارة مركزة لانزيماتها، والعلامة الابرز في لافتتها!.
يلجأ متسول الشارع الى ابتكار اكثر المناظر اثارة للشفقة ولفت الانتباه، مستخدما من مصطلحات التذلل والمسكنة والخنوع اقربها لجلب انظار الناس واستدرار عواطفهم ورحمتهم بغية تحقيق هدف منشود يتمثل بجمع اكبر قدر من المال في اقل واقصر فترة زمنية.
ويتحين المتسلل اندر الفرص، يستغل اعقد الظروف، متحريا عن ثغرة هنا وفجوة هناك.. متسقطا العثرات.. متتبعاً الخطوات متربصا الهفوات، مقتنصا الصدف، مستثمرا الهنات لينفذ ولو من خرم ابرة مخترقا الصفوف -بتواطئ مقنع او بغفلة وعلى حين غرة من البعض او الجميع- لتبدأ دورة تحقيق اهدافه، ويضرع المتوسل متزلفا، مقدما كل فروض الطاعة والخنوع ومسح الاكتاف ومسح الاحذية لنيل رضا الاسياد والحصول على مأرب قد يكون تافها وهو تافه حقيقة قياسا بالثمن المدفوع الذي قد لا يعبأ بتقديمه راضيا مختارا ما دامت الغاية تبرر الوسيلة لديه.
اما المتسلق فيتشبث بكل ما وقعت عليها عيناه، ولامستها يداه من محسوسات، وملموسات متخذا منها سلالم و "بايات" وحبالا للوصول الى مبتغاه بدءا بظهور الاخرين واكتافهم ورؤوسهم وجهودهم وانتهاءا بتحطيم وكسر رقابهم سواءا تمت عملية التسلق او تعثرت.
ويبدو ان بعض المتسلطين -الا من رحم ربي- قد مروا بهذه المفردات اقصد "سلم الدرجات" او ربما مارسوا بعض هذه السلوكيات بشكل او بآخر متخذين منها دورة تدريبية تجريبية، وربما فرضها الهالك على المالك او تطلبتها بروتوكولات الوظيفة حتى صارت امرا مألوفا وقاعدة مبررة -في عالمنا العربي خاصة- لمقولة سيئة الصيت "رجال يخلي بالسلة رقي"!.
بغض النظر عن مصدر وعائدية السلة ونوع الرقي وطريقة الاملاء!.

وسيان فيها الدرجات والمراكز الحزبية او المناصب الوظيفية والحقائب الحكومية. ومن الطبيعي ان يفضلها الكبار وخاصة الذين مروا عبر تلك البوابات ونفذوا من تلك الخروم قبل ان تنتفخ كروشهم وتتضخم رؤوسهم كونها الطريقة المثلى التي تجهزهم باقزام مؤهلين للطاعة، مترعين بالثقة ولا يثيرون المشاكل. وما داموا يسدون فجوة ويملؤون فراغا فلا ضير من جهلهم وضعف ادائهم وقلة امكاناتهم وانعدام مؤهلاتهم.

ولذا ظلت وستبقى الانظمة والادارات وحتى الحركات والهيئات والمؤسسات العربية نمطية متعثرة متخلفة اذا لم تتنبه لهذه الظاهرة المتجذرة، وتحاول معالجتها تدريجيا حتى تقتلعها من الجذور، لانها جرت المزيد من التراجع في الاداء وحافظت على المراوحة في نفس المكان، في جميع مفاصل الحياة وعلى كافة الصعد والمستويات، والاّ فأن الافكار الوقادة، والهمم العالية، والنفوس النبيلة والطاقات المبدعة ستظل مهمشة، مغبونة معطلة كونها لا تجيد فنون التسول والتسلل والتوسل والتسلق، وتحتقرها طريقة وممارسة واسلوبا.

وستحرم من نتاجها الثر اوطانها وشعوبها فيتلقفها المتطلعون لبناء مستقبل اوطانهم وشعوبهم ممن يقدرون العقول ويحترمون الخبرات وينقبون عن المبدعين، وينبذون المتطفلين المتملقين الوصوليين وهذا نابع من ايمانهم الراسخ بان الكراسي زائلة وان مصلحة الاوطان والاجيال فوق كل اعتبار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك