قيس المهندس
تقول الحكمة: المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. أي أن الإنسان المؤمن ينبغي أن يكون ذو فكر ونباهة، وأن يزن الأمور الحادثة بميزان العقل، ويتسع ذلك المفهوم من الفرد الى المجتمع، فالشعب. التأريخ والحضارة روافد طبيعية للشعوب، ومنها تتعلم الشعوب ما ينفعها لإكمال مسيرتها في الحياة، وتجاوز العقبات والمحن، واتخاذ العبرة من التجارب السعيدة والمريرة التي مر بها أسلافهم.
دعونا نذهب الى الجارة أيران، فهي وإن كانت ظروفها الديموغرافية مختلفة بعض الشيء عن العراق، بيد أن ثمة مشتركات بين الجارتين.
في فترة حكم الرئيس السابق أحمدي نجاد، كانت الجمهورية الإسلامية في تقدم متسارع، نحو آفاق جديدة من التفاعل الإقليمي والدولي، حيث عززت الجمهورية من مكانتها، مذ دخلت بأشبه ما يكون بحرب باردة مع أعتى دول العالم، متمثلة بقوى الإستكبار العالمي.
كما قدمت حكومة نجاد العديد من المنجزات على الصعيد الداخلي منها: تحسين الاقتصاد الإيراني، وإتخاذ منهج الاقتصاد المقاوم والإكتفاء الذاتي، وكانت ناجحة في كل صولة ممانعة ضد الضغوطات الغربية، وسارت حكومته بالبرنامج النووي السلمي الى مرحلة الإنجاز، دون أن تتعرض الجمهورية الى أي ضرر يذكر.
هكذا أصبح نجاد البطل الوطني والإسلامي، وأصبح الرجل الأبرز لدى الشعب الإيراني، كما هو باديٍ لدى الجميع، حيث تم التجديد له لولاية أخرى، ومع إنتهاء ولايته الثانية، ظن الكثيرون أن لابديل يماثل الرئيس نجاد، بيد أن الشعب الفارسي العتيق، صاحب الحضارة الراسخة، كان مدركاً بأن بلاده لا تخلوا من القيادات الكفؤة، والتي قد تفوق إمكانات الرئيس المنتهية ولايته، وبالفعل قدم الشعب الإيراني أروع معاني الثقافة والتحضر، حيث أثبت أنه شعب غير مصاب بأي عقد نفسية، فخرج الشعب لينتخب رئيساً جديداً من الإصلاحيين، كما أنه لم يكن شعباً ضيق الأفق فأنتخب معمماً، ولم يكن مكبلا بقيود ثقافة الحاكم الأفندي الذي حكمه طيلة ثمان سنوات، وهو يحكم جميع الدول الإقليمية منها والعالمية!
كان ذلك الشعب مذهلاً بخوضه للتجربة الانتخابية! وكأنه قد ألف تلك التجربة منذ القدم، بعراقة حياكته للسجاد اليدوي!
هكذا خرج الشعب الإيراني لينتخب رئيسه الجديد، دونما أن ينكفئ أو يميل تجاه هذا الطرف أو ذاك، وإنما اختاروا من وجدوا في برنامجه الإنتخابي ما يلبي طموحاتهم، في الحفاظ على المكتسبات، وما يخدم مصالح البلد في المرحلة المقبلة.
الرئيس الإيراني الجديد (روحاني) كان الإختيار الصائب من قبل ذلك الشعب المتحضر، وبالفعل قاد روحاني دفة البلاد نحو غد مشرق، وأستطاع أن يكمل مسيرة نجاد، ويحقق نتائجاً مبهرة على جميع الصعد سيما الملف النووي الإيراني، واستقرار السياسة الإيرانية في مضمار التوازنات الدولية والإقليمية.
ماذا لو حذى العراقيون حذو الجمهورية الإسلامية وشعبها العزيز، ونبذوا نظرية القائد الضرورة، الم يكن العراق اليوم يسير نحو شاطئ الأمان!
https://telegram.me/buratha