قيس المهندس
نحن أمة ذات حضارة عريقة موغلة في القدم، عاصرت أغلب الرسالات السماوية ان لم تكن جميعها، وأتصلت بسائر ثقافات العالم في الماضي والحاضر، ولعلنا من الشعوب القلائل التي لم تستفد من تأريخها وحضارتها، ولم تعكس على واقعها صورة التحضر الوضاءة.
بالأمس ولى آخر عهود الظلام والطغيان والفرعونية بمفهومها القديم، والديكتاتورية الشمولية بمفهومها المعاصر، أثر سقوط الطاغية الهدام، وأخذ العراق يواكب دول العالم المتقدمة، في إرساء وترسيخ قيم الحرية والديمقراطية والعدالة في وطننا المنهوب.
هكذا أبحرت سفينة التغيير، بيد أن الدفة كانت بيد الحاكم المدني الأمريكي، حتى تصدى الربان العراقيون رجال السياسة الأشاوس، من مختلف بقاع الوطن ومن مختلف أطيافه وقومياته وأديانه ومذاهبه. هكذا سارت العملية الديمقراطية الوليدة في العراق، شأنها شأن الديمقراطيات الصاعدة؛ تتعرض بين الفينة والأخرى الى بعض المصاعب والتلكؤات، بيد إنها سرعان ما تجد رجال الحكمة والسداد في المرجعية الرشيدة، يتصدون لحلحلة تلك المعضلات، وإزالة العقبات التي تقف بوجه العملية السياسية.
إلا أن ما لم يكن في الحسبان؛ أن تتعرض العملية الديمقراطية في العراق الى الإصابة بالفايروس القديم، والذي ما زالت بعض دول العالم، سيما الدول الإقليمية مصابة به، وكالعادة شمرت المرجعية الرشيدة عن ساعديها، حيث تصدت لتطبيب الوليد اليافع الذي بلغ سن الأحد عشر عاماً، فشخصت العلاج ودعت الى التغيير، سيما تغيير هرم السلطة المصابة بالفايروس، وخشية أن يعم الداء قطاعات واسعة من الشعب.
لكن! ما هي النتيجة؟!
حصل ما لم يكن بالحسبان، خرج الشعب عن طوع حكيمه، ولم يعد آبهاً بما قد تؤول اليه الأمور؛ إن هو خالف حكمة الحكماء ورأي الصلحاء!
رغم ذلك يتشدق البعض منهم بأن التغيير قد حصل بالفعل!
يا ترى هل سيحصل التغيير المنشود؟!
هل غير الشعب تلك الوجوه التي لم تجلب الخير للبلد؟!
تتحدث أرقام المفوضية عن (114) برلمانياً من مجلس النواب الحالي قد تم إعادة انتخابهم، فكيف سيحدث التغيير؟!
تحت تلك الظروف؛ ستكون مهمة التغيير صعبة جداً، وسوف يكون التغيير بعهدة القادمين الجدد، والذين سينهضون به بإسناد الشعب، لان قوتهم مستمدة من قوة الشعب الذي انتخبهم.
هل يا ترى سيرى التغيير النور؟! أم أن إرادة الشر ستقف حائلاً دون تحققه، ودون أن تتحقق إرادة الحق والحكمة، ووازع الحضارة والتحضر.
https://telegram.me/buratha