عبدالله الجيزاني
عندما تكتب عن الرجال، يكون القلم طوع يدك، فكل ما تريد أن تكتبه بحقهم من صفات العلو والرفعة والسمو، جائز لان استحقاق لهم، ولا نعني الرجال حسب التصنيف الجنسي والجسدي، إنما رجال المواقف ورجال الانجاز، رجال الذي أدركوا في احد المراحل ان الموت، يعني الحياة فاختاروا الرحيل، لتستمر الحياة.
اليوم رغم تلعثم القلم بين أصابعي، اكتب لاستذكر احد هؤلاء ممن زخر بهم تاريخ العراق، لأنهم سطروه بالدماء، واحتضنت الأرض أجسادهم الطاهرة، لأنهم سقوها بالدماء عندما جفت بسبب الانحراف، والظلم والعشوائية على أديمها، نبيل البلداوي سلك طريق شهيد المحراب، وسار عليه واخلص له، وعمل بكل صدق وولاء، ليسود هذا الطريق في حياة العراق، الذي تحولت إلى بركة دم، بسبب انعدام الرؤية وشهوة السلطة، كان الأخ والعضد الوفي كما وصفه السيد عمار الحكيم.
أبن الشهيد الصدر، وبعدها التقى بقائدة مع مرؤسية في لقاء الوداع الأخير، ليشد الرحال إلى الجنوب، حيث بداية رحلة لقاء القائد مع الجماهير، لكن مع ساعات الصباح الأول اختار البلداوي أن يترجل، ليودع العراق من ارض ذي قار، أي صاعقة تلك التي ألمت بتيار شهيد المحراب، ليبكي من الجنوب إلى الشمال، ولتنصب سرادق العزاء من البصرة حتى نينوى.
فنبيل البلداوي حمل الاسم وجسد الفعل، نبيل بكل شيء، جمع الكثير من المتضادات في صفاته، كريم شحيح نرجسي ترابي ، غليظ رحيم، لكن كل منها في محله، جهله الكثيرون، وظلموه لكن مع أول خبر رحيله بكوا حد الإعياء، نبيل البلداوي عرف الرجال وتعامل معهم، قاسي مع التقصير دقيق في التشخيص، كل من عمل معه يخشاه، ويلوذ به، جبل أشم صعب أن يكسر، وصعب أن يتراجع، كان ينقش الصخر ليحقق المطلوب، سهر الليالي وقطع آلاف الكيلومترات، لأجل المشروع، عاش صراع مرير مع تناقضات الساحة ورغبات الآخرين، نسى الأنا ليعيش ل(نحن).
لذا رحل نبيل البلداوي رحيل الرجال، لأنه أدرك طريقهم وسار عليه، محمد باقر الصدر وشهيد المحراب وعزيز العراق، وكل شهداء العراق يقينا استقبلوا نبيل البلداوي، وأكرموه، يقينا أن نبيل البلداوي ألان يجلس بين الشهداء، لكونه كان في رحلة لأداء الواجب والتكليف، واجب التغيير الذي دعت إليه المرجعية العليا في النجف الاشرف، واجب إنقاذ العراق بلد المقدسات من الضياع والتشرذم.
وفي اربعينيته، وبعد أن وضعت الانتخابات أوزارها، نستشعر الفراغ الذي خلفه بيننا آب وأخ وصديق وقائد، نستشعر وبألم لحظات وأيام، كان بيننا ينصح ويعلم ويدقق، وليس لنا إلا أن نردد ما ردده القائد إننا بفقدك يا نبيل لمحزونون، رحمك الله وأسكنك بفسيح جناته مع الأولياء والصالحين، أيها القلب الكبير أيها الطاهر، نم قرير العين، فقد أديت الأمانة وصنت التكليف، ولم تهن ولم تجامل، وكن على يقين أن المشروع يسير ولن يتوقف لأنه طريق الأنبياء والأئمة، ومادامت الدماء الطاهرة من شهيد المحراب ومن سبقوه إلى عزيز العراق إلى دمك الطاهر، تسقي مسيرته، حري بالسماء أن تحفظه، حتى يتسلم الراية صاحبها الشرعي أمل الأمة المرتجى...
https://telegram.me/buratha