يستمد الإستبداد وما تتبعه من توصيفات، وجوده وقوته من النفاق السياسي، الأمر الذي يفسر بقاء حكام على سدة الحكم عشرات السنين، برغم أنهم أستنفذوا ما لديهم، وباتوا قبورا مفتوحة على جثة!
مما لا شك فيه أن مسألة طول عمر الأنظمة الحاكمة، سيما تلك التي لا تحظى بمقبولية مناسبة، أو تلك التي تعاني من إنفصال بينها وبين الشعب، لعمق الهوة التي صنعتها ممارساتها السيئة، وخيباتها المتلاحقة، وسوء إستخدامها للسلطة، متعلقة بما تقدمه لمناصريها، فبقدر ما تقدم من مناصب ومكاسب وإمتيازات، فإنها تتمتع بدعم الأنصار ومن حولهم، لتتشكل طبقة واسعة عريضة، هي طبقة المنافقين للسلطة..
طبقة المنافقين للسلطة تتسع يوما بعد آخر، لتتحول الى مجتمع لا تهمه سوى المكاسب السياسية والمادية، وبإتساعها تقضم المزيد من جرف السلطة، وتجعل هذا الجرف هار، وكلما تقدم العمر بالسلطة، يزداد حجم مجتمع منافقيها، وتزداد شراهته للقضم، لأنه مجتمع يعرف أن زمنا ليس ببعيد، سينهار فيه جرف السلطة تماما، ومن بعد ذلك الطوفان!..
بإزدياد أعداد منافقي السلطة والمتحلقين حولها، تزداد المشكلات التي يسببونها للسلطة، لأن مجتمع المنافقين؛ لا يتوفر على حد أدنى من الإتفاق الإيجابي، وهو مجتمع بلا ثوابت قيمية يرجع اليها، ناهيك عن أنه مجتمع يسوده الجهل والتخلف وتدني الأخلاق، ما يؤشر مدى هشاشته وضعفه وعدم ثقته في نفسه.
وتكشف ممارسات مجتمع منافقي السلطة وملمعي أحذيتها، عن شيوع عقلية التغالب لدى أفراده، ما ينتج عنه صراعات بين المنافقين أنفسهم، مما يضع السلطة إزاء مشكلات أضافية، كان بإمكانها عدم الوقوع بها، لو أنها لم تستند في وجودها الى دعم المنافقين السياسيين!..
بيئة النفاق السياسي تنشط في أوساط أشباه السياسيين، والإعلاميين والفاعلين في المجتمع المدني، وحتى بعض رجال الدين، فهؤلاء يشكلون قبيلة؛ تستفيد من السلطة على حساب المواطن، في أبشع أشكال الإستغلال البشري، وهم عبيد السلطة وحراس بواباتها.
في المجتمعات المتحضرة المبنية بناءا ديمقراطيا سليما، لا مكان لمنافقي السلطة، لأنهم يمثلون الوجه السيء للمجتمع، بسلوكهم السلبي الذي ستكون نتيجته الحتمية إنحطاط المجتمعات، وهذه سمة تسللت الى مجتمعنا مع كل الأسف!
كلام قبل السلام: النفاق السياسي سوء كله، والسيئة تعم والحسنة تخص..!
سلام...
https://telegram.me/buratha