ربما يفهم بعض الساسة من عديمي الضمير والمسؤولية، وممن اعتادوا على تصوير الأمور بعدسة اللامبالاة وقلة الاكتراث، أنهم وبمجرد قبول ترشيحهم للإنتخابات، ومن ثم مشاركتهم بها، قد أصبحت مصائرنا مناطة بهم، حتى قبل إعلان نتائج الإقتراع الذي أجريناه حولهم..
ومع أننا أنجزنا الصفحة الأولى من الأنتخابات بنجاح، وأدينا ما علينا من واجب، ونحنبإنتظار أن تعلن النتائج وفقا لآليات الديمقراطية، ، وتحديد من سيجلس تحت سقف قصر المؤتمرات الذي حولناه الى مجلس نواب، فيما أحتلت وزارة الدفاع مبنى مجلس النواب!.. إلا أن دورنا لا يتوقف عن هذا الحد كما يتصورون، فبيدنا أوراق كثيرة، سنشهرها بوجههم، إن لم يتعاملوا مع مصائرنا وفقما نريد لا وفقما يشاءون..وربما لا يعرفون أن بإمكاننا أن نقلب الطابق طبقا في لحظات..
الحقيقة أنه لم يعد بالإمكان الصمت عما يجري، فلقد طحننا الجوع السياسي للمتنافسين، الذين حولوا التنافس الى صراع، ليس من أجلنا ولا بسببنا، بل على من سيكون أولا في إمتطاء ظهورنا.
في هذه الأجواء المشحونة توترا، بات من الصعب التحدث عن مبادئ سياسية أو قيم نبيلة سامية، وفي ظل هذا التوتر؛ فإن من يفترض بهم أن يضعوا الوطن كأولوية، في عملهم لا قبلها قبل ولا بعدها بعد، لا أن يسدروا في إرتكاب الأخطاء بحق الوطن وأبناءه، لأن مثل هذه أخطاء، لا يمكن أن تغفرها الأيام أبداً.
إن التوتر الدائم الذي نعيشه غب 2003 ولغاية اليوم، وبالتأكيد سنستمر تحت وطأته لقادم الأيام والسنين، صنعه قطع حبل الوطنية، بسيف التعصب للفئة والذات، الأمر الذي زاد من حمية المتصارعين، وقادهم إلى ارتكاب مزيد من الحماقات بلا مبالاة بنا وبمصائرنا، وهم يتحدثون عن السياسة، بكلمات تشم منها روائح النتانة، وهي تغادر أفواههم الخالية من الحشمة....
نحن بأغلبيتنا الصامتة، منشغلون بحمل أوزار أيامنا وما يجري فيها، حيث تكاد قوانا أن تخور ونحن نقف على أقدام الخوف والحذر من المجهول، وحيث بين الحدث والحدث، تقف أمهات ثكلن وزوجات ترملن وأطفال تيتموا، وحيث لن تتوقف ألسنتهم عن الدعاء من صاحب العظمة والجبروت، في الاقتصاص ممن كان سبباً في قطف زهرات أعمار الأحبة ـ الابن والأخ والزوج والأب ـ قتلا بصرف حقوق الموت العشوائي، لتساوى أشلاءهم بالرصيف.
ولربما؛ بل بالتأكيد.. أن على الساسة الذين حولوا السياسة الى آلة موت طاحنة، أن يعوا بأن ظمأ الشعوب للحرية لا يروى بالدم، وأن جوعهم للتعبير عن المواطنة لا تشبعه الأشلاء الممزقة، وأن الوطن بحاجة إلى عقول وبصائر وأفكار نيرة، تبني ولا تهدم، تجمع ولا تفرق، تصلح ولا تزرع الخراب.
كلام قبل السلام: من السهل التبجح بالمبادئ عندما نكون متخمين!.
سلام...
https://telegram.me/buratha