السيد محمد الطالقاني
المرجعية الدينية في النجف الاشرف تعتبر عند الشيعة في العالم المصدر الوحيد للفتوى باعتبار ان المرجع الاعلى هو كبير الفقهاء الذين يستكشفون احكام الشريعة المقدسة من مصادرها وباعتبار ان الفقيه العادل يقوم مقام الامام المهدي ارواحنا لمقدمه الفداء
وعلى الصعيد الاسلامي تعتبر النجف الاشرف جامعة اسلامية عريقة ومصدرا من مصادر الفكر والفقه الاسلاميين وينظر المسلمون الى علمائها ومرجعيتها العليا باجلال وتقدير كبيرين .
ومن الطبيعي ان يكون أي لون من الوان الاعتداء على مقام المرجعية العليا امرا يسوء المسلمين بشكل عام ويمس الشيعة بشكل خاص لان الاعتداء على كيانهم الديني الاعلى هو بنظرهم اعتداء على كرامتهم.
ان تقاليد المرجعية الدينية العليا تقضي بالانفصال التام والاستقلال المطلق عن السلطة الحكومية وانها ليست ملزمة بمساندة السلطة الحكومية في مواقفها وسياساتها المحلية والخارجية وليست ملزمة ايضا بتبرير مواقف السلطة الحكومية في الداخل والخارج .
وتقضي تقاليد المرجعية الدينية العليا في علاقتها بالسلطة الحكومية وهي التقاليد التي عليها احكام الشريعة الاسلامية في عدم تشجيع الظالم على ظلمه وفي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب الظروف والامكانات .
اما السلطة الحكومية فهي تعمل دائما على ان تجعل من المرجع الديني الة في يدها تستطيع ان تاخذ موافقته او على الاقل سكوته على مواقفها وسياساتها وذلك لتسبغ على نفسها صفة الشرعية امام الراي العام الذي يرتبط بالمرجع الاعلى .
لذى وبعد التحولات الديمقراطية في العراق الجديد وبزوغ شمس الحرية وزوال طاغية العصر الهدام لعنه الله كان للمرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف بصمات على هذا التحول حيث راقبت المرجعية الدينية في النجف الاشرف تلك التحولات واتخذت قراراتها الحاسمة في الوقت المناسب.
وكان اهم قرار للمرجعية الدينية في عصر التغيير الديمقراطي هو كتابة الدستور بايدي عراقية وباشراف المرجعية الدينية واستطاعت فعلا تثبيت هذا الامر وفرض قرارها لادراكها اهمية ها الامر لهه المرحلة والمراحل اللاحقة.
فكانت المرجعية الدينية العليا تؤكد على السياسيين الشرفاء الممتثلين بامرها بان الشي المهم في هذه المرحلة هو تثبيت الدستور وبناء الفرد العراقي عقائديا وفكريا .
بينما سعى الجانب الاخر الغير ممتثل بامر المرجعية الى القتال من اجل الحصول على كرسي الحكم وان كلفهم الغالي والنفيس من اجل ذلك .
ونحن نعلم ان من يصبح الملك اكبر همه في الدنيا سوف يكون ظالما من اجل تثبيت ملكه ,لذا ساء الامر في العراق من سيء الى اسوا فنهبت الثروات واشيع الفساد المالي والاداري والاخلاقي ,وهنا لم تقف المرجعية الدينية ساكتة بل اخذت توجه النصح والارشاد لهم حتى وصل الامر الى توبيخ السلطة ونهيهم عن اقتراف الكبائر بحق هذا الشعب المظلوم . ولكن السلطة الحاكمة اخذت توجه للمرجعية الدينية الاتهامات حيث وصفتها كما وصفت قريش علي عليه السلام بانه رجل شجاع ولكن لاعلم له في السياسة .
طبعا والجواب كان ياتي للحكومة : هل احد للسياسة اشد منهم مراسا واقدم منهم فيها مقاما ,ولكن لاراي لمن لايطاع.
ولما تمادى الظلم والطغيان تصدت المرجعية الدينية بكل ثقلها في الانتخابات البرلمانية الاخيرة بعد ان اتهمت بالسكوت فصدرت الفتاوئ التي تؤيد الانتخابات البرلمانية الجديدة ولكن المرجعية الدينية اشترطت في هذه الانتخابات ان يكون التغيير فيها ولايجوز البقاء على الوجوه السابقة بعد ان اغرقت البلاد في الضياع والدماء فمنهم المتورط ومنهم الساكت على الورطة . والذي حدث في نتائج الانتخابات ان النتائج خرجت عكس ماارادت المرجعية فبقت الوجوه نفسها دون التغيير .فاين الخطا؟
هل ان المرجعية الدينية اخطات في التشخيص ؟
جواب هذا السؤال قد اجابه الامام علي عليه السلام ايضا لاهل العراق عندما اتهموه بالخطا في التشخيص فاجابهم بقوله :
يا أشباه الرجال ولا رجال. حلوم الأطفال. و عقول ربات الحجال. لوددت أني لم أركم و لم أعرفكم. معرفة و الله جرت ندما وأعقبت سدما قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا. وشحنتم صدري غيظا. وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع و لكن لا علم له بالحرب لله أبوهم و هل أحد منهم أشد لها مراسا و أقدم فيها مقاما مني لقد نهضت فيها و ما بلغت العشرين و ها أنا ذا قد ذرفت على الستين و لكن لا رأي لمن لا يطاع .
فماذا سيكون موقفنا امام الامام المهدي عليه السلام يوم ان يحاسبنا على خذلاننا لمرجعيتنا الدينية .
هل ستنفع الاراضي التي استلمناها ؟ ام النقود التي وزعت علينا؟ ام الوعود بالتعينات التي اوعدنا بها ؟ يوم لاينفع مال ولابنون والعاقبة للمتقين
https://telegram.me/buratha