عادي المالكي
مثل السرطان، عندما يبدأ بخلية واحدة، وينتشر في سائر أنحاء الجسم، الاكتشاف والمعالجة المبكرين، هما الكفيلان بالشفاء منه، كذلك البعث الفاشي، سرى سريان الدم في جسد المجتمع، وأنشاء خلاياه وتوطن واستفحل، فبات مرضاً، نحتاج لمعجزة للتخلص منه.
تغلل البعث وأفكاره الهدامة، المسوقة والمبطنة، بالشعارات البراقة؛ إلى كل المؤسسات، حتى المؤسسة العسكرية، التي من المفروض أن تكون مستقلة، وهذا ما كان يطرحه البعث، قبل أن يمد يده الدنيئة، لينجس كل أجزاء الوطن ومؤسساته.
تغلل وانساب، كالشيطان ووساوسه في عقول الناس، ومنهم العسكر، الذين عرف عنهم على مر السنين، عقيدتهم المستقلة ومهنيتهم العالية، إلى أن شهدت حقبة بداية السبعينات وأواسطها، نشاطا ملحوظاً، في الترويج والكسب داخل المؤسسة العسكرية، وما أن انفرد هبل التكريتي بزعامة البعث والدولة الحقيقية، حتى قبل تسلمه الموقع الأول عام 1979، شهد الجيش والشرطة وباقي المؤسسات في القوات المسلحة، توجهاً لكسب الضباط والمراتب، على الرغم من أن غالبية الانقلابين عام1968 كانوا من العسكر، وقد صفا بعضهم بعضاً، ، إلى أن طار أخيرهم البكر في انقلاب عام1979 الداخلي المعروف.
وجاءت الحرب، فاجتاح البعث العفلقي الجيش العراقي، متحكماً بالمناصب القيادية، مقدماً الولاء الحزبي والدرجة الحزبية، على الخبرة والمهارة وفن القيادة، في تولي المناصب العسكرية، والاتجاهات المناطقية والمذهبية، فكان الرفيق البعثي، مقدما على الرتب كلها في وحدته، حتى وان كان قائده الميداني يعلوه رتبة أو من حملة الخط الأحمر(الأركان)، كما أن طموح بعض المراتب من المطوعين، في تحويل النجوم من الياقة إلى الكتف، لا يمكن أن يتحقق إلا بالتقدم في صفوف تنظيمات الحزب.
على أن الكثير من الضباط الأحرار والشرفاء، قد حاولوا التغيير، دون جدوى، فكان مصيرهم القتل بعد السجن والتنكيل، فيما تسابق البعض الأخر، للحصول على الدرجة الحزبية، قبل الحصول على الرتبة العسكرية، التزم الكثير من الضباط الأحرار أيضاً، بالانتماء الشكلي للحزب، فالكثير منهم لم يتجاوز درجة العضو العامل في الحزب، أما الطامعون في المزيد من الجاه والمال، فكانوا يتقدمون الصفوف، ليدخلوا الانتخابات الحزبية، ويتنافسوا على درجة عضو الفرقة أو عضو الشعبة أو عضو الفرع، بل أن احدهم وهو برتبة عالية، قد صب غضبه على ضباطه ومراتبه حين خسر انتخابات الفرقة الحزبية.
كان هذا في عهد البعث، أما ألان فنرى الكثير من الوجوه البعثية، قد لبست قناع الديمقراطية، وتصدرت الواجهة، فأعادهم النظام الجديد إلى مناصب مرموقة وقيادية، القيادة العامة، مكتب القائد العام، قادة عمليات، قادة فرق، أمراء ألوية وأفواج. الخ، بلى أنهم يسيطرون على البلد ومؤسساته الأمنية.
أنهم مهنيون، هكذا يبرر البعض إعادتهم، عذراً، كم أنتم مضحكون، أو لا يوجد غيرهم من العسكر المهنيين المظلومين، تعرفون أنهم يوالون صاحب نعمتهم، ويخدمونه بأقصى طاقاتهم، فاستخدموتهم للأغراض الولاء، الولاء للحزب، والفرد، وليس الولاء للوطن.
https://telegram.me/buratha