المقالات

الاستثمار في قطاع الفساد

1884 18:47:06 2014-04-22

يبدو العنوان مقحماً بعض الشيء، ولكن لأن واقعنا الراهن يقتضي جراحات معقدة وصعبة، ويتطلب الأمر تحمّل ألمها بصبر وجلد، ويتعيّن علينا أن نسمّي الأشياء بأسمائها. الواقع أننا طرف في صناعة هذا الواقع، فمع أن شطراً كبيراً مما ألنا اليه من سوء، لسنا مسؤولين عنه مسؤولية مباشرة، إلا أننا لا نتورّع عن أن نحمّل الساسة كل ما وصلنا اليه من سوء.

الساسة هم صنّاع السياسة، والسياسة هي التي تدير معظم القطاعات والأنشطة في العراق، شأنه شأن جميع الأمم، ومن بين أهم ما تديره السياسة قطاع الفساد، إن لم يكن القطاع الأهم والأكثر حيوية ونشاطاً مما تدير!

قبل تغيير نيسان 2003، كنا لا نمتلك أجهزة ومؤسسات تحارب الفساد غير القضاء، وغير مديرية للأمن الاقتصادي، كانت تستخدم استخداما مزدوجاً، مرة كأداة قمع للسوق والشارع العراقي، ومرة لتوجيه مسارات الاقتصاد للوجهة التي تخدم النظام وتحميه، إلا أنه يتعيّن أن نقرّ أن حجم الفساد؛ لم يكن على ما هو عليه الآن. فلماذا أتسع الفساد الى حد بات فيه أمراً معاشاً، وفي حالات لا تحصى مقبولاً حتى من الدولة ذاتها!

اليوم: وبرغم وجود العديد من الأجهزة الحكومية والتشريعية، المعنية بمحاربة الفساد، ومع وجود الحركات الاجتماعية التي تهدف الى مكافحة الفساد وملاحقة المفسدين، وسيل البلاغات والإجراءات القضائية، وما يليها من أحكام الصادرة من محاكم النزاهة، إلا أن الفساد تجذّر في قطاعات عديدة من الدولة، وهو ما نتج عنه احتلال العراق للمرتبة 177 في مؤشر مدركات الفساد عام 2013، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، وهو ما يعني؛ أن الدولة لم تفلح في السيطرة على الفساد، داخل قطاعاتها المختلفة، وأن مستوى الفساد يتصاعد من سيئ الى أسوأ.

نستطيع تصنيف ثلاثة أنواع مختلفة من الفساد: أولها هو الفساد التشريعي، الذي يتمثل في سعي الهيئات التشريعية إلى تجاوز وقائع الفساد، أو محاباة المفسدين على حساب الشعب ومصلحة الدولة، مثلما حصل في إقرار قانون التقاعد، وتمريره بعار الفقرتين 37، 38، الخاصتين بامتيازات الساسة والطبقات الحاكمة، وكما في حالة الذين حصلوا على أراضٍ أو أصول مملوكة للدولة، بالمخالفة لقيمتها الحقيقية.

النوع الثاني؛ هو الفساد الإداري المتمثل في تصرفات القطاعات الحكومية المختلفة، فيما يتعلّق بفتح أبواب إهدار المال العام، بلا ضوابط وكوابح، والدليل عدم وجود حسابات ختامية للدولة، منذ نيسان 2003 ولغاية اليوم.

النوع الثالث؛ هو الفساد الإجرائي الخاص بطبيعة سير العمل الحكومي، ووجود فرص أو إمكانات لإتاحة الحصول من دون وجه حق على منافع، كما في حالة إجراءات مديرية المرور العامة، التي فتحت الأبواب بقصد أو من دونه، على مصاريعها لذوي النفوس الضعيفة ـ وما أكثرهم ـ من منسوبيها للنهش بلحوم العراقيين، وباعتراف قيادات الدولة العليا.

كلام قبل السلام: الإخلاص من أعلى قيم الحياة وأنبلها، أما السياسة فهي الحسابات والمصالح والمنافع المتبادلة.
سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك