محمد الحسن
تسلّط الدكتاتور المقبور ثلاثة عقود ونيف, مارس خلالها أبشع وأخس صنوف الإستهتار والإستهانة بحقوق الشعب؛ حتى تحولت (الصدّامية) إلى ثقافة مستحدثة أنتشرت في ميادين الحياة المختلفة, ولازال العراق يعيش تراكمات إجتماعية من منظومة تلك الثقافة التي لن تتلاشى بمجرد التغيير الهرمي.
لعل (الصدامية) صارت معياراً للإنحراف لدى أوساط كبيرة من الشعب؛ بيد إن إزالتها يتطلب جهد إستثنائي أكبر من الإستهجان, يبدأ من هرم السلطة ويتدرج إلى أبسط موظف في الدولة العراقية الجديدة.. بعدها ممكن ملاحظة طفرات نوعية في الإداء السياسي والإجتماعي والذي سينعكس على مجمل الحياة, وفي قمتها الأمن والخدمات.. ببساطة, الأمر لا يحتاج إلى عناء؛ إداء سياسي مناقض لما كانت تفعله سلطة الديكتاتور الغاشمة؛ فلا تخوين ولا رياء, فضلاً عن الحيلولة دون ولادة (عدي) جديد..!
لا ريب, إن ما يحدث من فضائح متتالية في عراقنا الجديد, يسير بذات الإتجاه الذي كانت تقوم عليه السلطة الصدامية, وعلى كافة الصعد, سيما السلوك الشخصي للمسؤول وذوي المسؤول!.. فمن رئيس وزراء يتحدث عبر فضائية الشعب عن بطولات نجله, مروراً بفضائح نجل وكيل وزير الداخلية (عدنان الأسدي), وصولاً إلى قضية (الطائرة المطرودة) تلبية لغنج الأبن البار لسيادة وزير النقل!..كل هذا أدى إلى إستحضار صورة رأس عصابة البعث كقرين سوء..
سجال بين فريقين عراقيين, أحدهم صار يستذكر الدكتاتور وطغيانه الرهيب على أنه مبرر طالما أقتدى به سدنة المنطقة الخضراء, وآخر لم يزل صامداً بوجه القائلين بطاغوتية الحكومة الجديدة, بما فيهم الجهات المختلفة مع لسياسة الحكومة؛ يأبون مقارنة هذا النظام بذاك, وليس مهماً رأيهم؛ فالجماهير تبحث عن إجابة للسؤال التالي: (إيهما أفضل عراقنا الجديد أم عراق الديكتاتور؟)..!
إنّ هذه الإسماء النكرة, والتي تحاول تعويض الفشل واللحاق بركب العصر, مستغلة سلطة الآباء, تقوم بتقديم شهادة حسن سلوك للنظام البعثي المجرم..جريمة كبرى ترتكب بحق العراق الجديد, أرضاً, وشعباً, ونظاماً وتاريخاً تنيره دماء الشهداء..فمن هو المسؤول عن أستحضار صدام -بعد أن رحل للمزبلته الطبيعية- كعنصر مقارنة غير القائمن على الحكم اليوم؟!
https://telegram.me/buratha